للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

المطلقة بعد إبهامها وانتظار ما يعينه النصيب والقسمة التي لا تتطرق إليها تهمة ولا ظن فليس ذلك إلى المكلف بل إليه إنشاء الطلاق ابتداء في واحدة منهن وأما أن يكون إليه تعيين من جعل طريق تعيينه خارجا عن مقدوره وموكولا إلى ما يأتي به القدر ويخرجه النصيب المقسوم المغيب عن العباد فكلا.

وسر المسألة أن العبد له التعيين ابتداء وأما تعيين ما أبهمه أولا فلم يجعل إليه ولا ملكه الشارع إياه والفرق بينهما أن التعيين الابتدائي تعلق به إرادته وباشره بسبب الحكم فتعين بتعيينه وبمباشرته بالسبب وأما التعيين بعد الإبهام فلم يجعل إليه لأنه لم يباشره بالسبب والسبب كان قاصرا عن تناوله معينا وإنما تناوله مبهما والمكلف كان مخيرا بين أن يوقع الحكم معينا فيتعين بتعيينه أو يوقعه مهما فيصير تعيينه إلى الشارع.

وسر ذلك أن الحكم قد تعلق في المبهم بالمشترك فلا بد من حاكم منزه عن التهمة يعين ذلك المشترك في فرد من أفراده والمكلف ليس بمنزه عن التهمة فكانت القرعة هي المعينة وأما إذا عينه ابتداء فلم يتعلق الحكم بمشترك بل تعلق بما اقتضاه تعيينه وغرضه فأنفذه الشارع عليه فهذا مما يدلك على دقة فقه الصحابة رضي الله عنهم وبعد غور مداركهم ولهذا أفتى علي وابن عباس بالقرعة ولم يجعلا التعيين إليه ولا نحفظ عن صحابي خلافهما.

وإذا ثبت أن القرعة في هذه الصورة راجحة على تعيين المكلف تبين بذلك تقرير المقام الثاني وهو أن القول بها في مسألة المنسية أولى لأنها إذا علمت في محل قد يعلق الحكم فيه بالمشترك وهو أحد الزوجات إذ كل واحدة منهن يصدق عليها أنها أحدها وهذا هو مأخوذ من عمم الوقوع فلأن يعمل في محل تعلق الحكم فيه ببعض أفراده أولى فإن الحكم في الأول كان صالحا لجميع الأفراد لتعلقه بالقدر المشترك ومع هذا فالقرعة قطعت هذه الصلاحية وخصتها بفرد بعينه والحكم في الثانية إنما تعلق بفرد بعينه لكنه جهل فاستفيد علمه من القرعة ولما جهل صار كالمعدوم إذ المجهول المطلق في الشريعة كالمعدوم وليس

<<  <  ج: ص:  >  >>