للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

بالموت والذمة مشغولة مرتهنة بالدين وتعذرت مطالبته كتعذر مطالبة الغريم إذا سقط عنه التكليف بالجنون وذلك غير مانع من التأخير بتمام الاستيفاء وكذا في الموت وهذا على أصول أبي عبد الله وقواعده والله تعالى أعلم.

رجل قال لعبده: إذا فرغت من هذا العمل فأنت حر وقال: أردت أنك حر من العمل؟ أجاب ابن عقيل وأبو الخطاب وابن الزاغوني: "لا يقبل قوله في ظاهر الحكم وأما بينه وبين الله فيحتمل".

قلت: أما التوقف لكونه يدين فلا وجه له فإنه إذا أراد بلفظه ما يحتمله ولم يخطر بقلبه العتق وليس هنالك قرينة ظاهرة تكذبه فهو أعلم بنيته ومراده وقد قال أحمد في رواية بشر بن موسى في الرجل يكتب إلى أخيه أعتق جاريتي فلانة ويريد أن يهددها بذلك وينوي التصحيف أكره ذلك لا بخبر وهو عبث فيهددها ويسعه فيما بينه وبين الله أن يبيعها والقاضي يفرق بينهما.

قلت: مراده بالتصحيف التعريض وكأنه تصحيف للمعنى وهو العدول باللفظ عن معناه الموضوع له وقد قال في رواية أبي الحارث إذا قال: أنت طالق وهو يريد طالق من عقال إذا كانت قد سألته الطلاق أو كان بينهما غضب لم يقبل قوله وهذا يدل على قبوله عند عدم القرينة الدالة على الطلاق فعلى هذا إذا قال له عبده أعتقني لله فقال: إذا فرغت من هذا العمل فأنت حر لم يقبل قوله.

وأما إذا قال أرحني من هذا العمل واستعملني في غيره أو اعتقني من هذا العمل فقال إذا فرغت منه فأنت حر وأراد من هذا العمل قبل قوله فالمراتب ثلاثة بما يبعد معه صرف اللفظ عن غرضه لما هنالك من القرائن فلا يقبل قوله وبما يعرف معه الصرف كقرائن تحف به فيقبل قوله وما يكون تجردا عن الأمرين فهو محل تردد.

إذا لقي امرأة في الطريق فقال تنحي يا حرة فإذا هي جاريته؟ فأجاب ابن الزاغوني بأن قال: "اختلف أصحابنا فيما إذا لقي امرأة في الطريق فقال: تنحي يا طالق فإذا هي امرأته فهل تطلق؟ على وجهين قال: "والعتق مثله".

قلت: وقوع العتق في هذه الصورة بعيد إذ من عادة الناس في خطابهم في الطرقات وغيرها

<<  <  ج: ص:  >  >>