للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

يزعم أنه يعالج المجنون من الصرع بالرقى والعزائم ويزعم أنه يخاطب الجن ويكلمهم وفيهم من يحدثه فترى أنه يدفع إليه الرجل المجنون ليعالجه؟ قال: "ما أدري ما هذا ما سمعت في هذا شيئا ولا أحب لأحد أن يفعله وتركه أحب إليّ".

وسئل عن رجل مات وخلف ألف درهم وعليه للغرماء ألفا درهم وليس له وارث غير ابنه فقال ابنه لغرمائه: اتركوا هذه الألف في يدي وأخروا لي حقوقكم ثلاث سنين حتى أوفيكم جميع حقوقكم ترى هذا جائزا؟ قال: "إذا كانوا قد استحقوا قبض هذه الألف وإنما يؤخرون لأجل تركها في يديه فهذا لا يؤخر فيه إلا أن يقبضوا الألف منه ويؤخرونه بالباقي ما شاءوا".

قلت: وجه هذا الألف قد انتقلت إلى ملكهم وليس له في ذمة الابن شيء فإذا أخروا قبضها استوفوها ألفين صار كالنسيئة بزيادة وبعد فلا يخلوا ذلك من نظر فإنهم لو أخروا فبض الألف اتفاقا لا لأجل الزيادة ثم اتجر الولد بالتركة وربح فيها ما يقوم بوفائهم لاستوفوا حقهم كله ولا يكون هذا من باب عمل الإنسان في مال غيره فإنهم لا يستحقون الربح كله وإنما يستحقون منه تمام حقهم وحق الغرماء، وإن تعلق بالتركة فهو كتعلق الرهن لا أنهم يملكون التركة بمجرد موت الغريم ولو وفاهم الورثة من غيرها لم يكن أن يمتنعوا من الاستيفاء وهذا على قولنا إن الدين لا يمنع انتقال التركة إلى الورثة أظهر فإن التركة تنتقل إليهم وتبقى ديون الغرماء على نفس التركة فلو ربحت لاستحقوا من الربح بقدر ديونهم وليس هذا من الربا في شيء فإن الغريم يستحق الألفين استحقاقا صحيحا بوجه لا ربا فيه وإنما يؤخر قبض بعض حقه ليستوفيه كاملا فليس هذا من باب الزيادة على رأس ماله لأجل الأجل في شيء وهذا حقيقة الربا وإنما هذا صبر منه يستوفي ما وجب له بأصل العقد كما لو كان الغريم حيا وأفلس ولم يسع ما له لوفاء ما عليه فصبر الغرماء ليستوفوا حقهم كاملا ولا يعنى الفرق أن ذمة الميت قد خرجت بالموت وذمة المعسر باقية لوجهين أحدهما المنع بل الدين باقي في ذمة الميت كما هو باقي في ذمة الحي وإنما تعذرت المطالبة

<<  <  ج: ص:  >  >>