في مسجد الجامع فصلينا ثم رجعنا فقعدنا واستراح وأنا معه فجاء رجل كأنه محموم فقال يا أبا عبد الله إني كنت شارب مسكر فتكلمت فيك بشيء فاجعلني في حل؟ فقال:"أنت في حل إن لم تعد". قلت: يا أبا عبد الله لم قلت له لعله يعود؟ قال:"ألم تر إلى ما قلت له إن لم يعد فقد اشترطت عليه" ثم قال: "ما أحسن الشرط إذا أراد أن يعود فلا يعود إن كان له دين".
قلت: وهذا صريح في جواز تعليق الإبراء على الشرط وهو الصواب.
وقال إسحاق بن هانىء قال رجل لأبي عبد الله أوصني فقال:"أعز أمر الله حيث كنت يعزك الله".
وقال لي:"يا إسحاق ما هو أهون الدنيا على الله عز وجل".
قال الحسن:"أهينوا الدنيا فوالله إني لأهنأ ما يكون حين تهان" وقيل له ما معنى الحديث "لا يقم أحد لأحد" فقال: "إذا كان على جهة الدنيا مثل ما روى معاوية فلا يعجبني قيل له يكون الرجل حاجا فيأتيه الناس وفيهم المشايخ أيقوم لهم قال قد قام النبي صلى الله عليه وسلم لجعفر في المعانقة احتج بحديث أبي ذر أن النبي صلى الله عليه وسلم عانقه.
وسألته عن الرجل يلقى الرجل أيعانقه؟ قال: "نعم قد فعله أبو الدرداء".
وجئته بكتاب من خراسان فإذا عنوانه لأبي عبد الله أبقاه الله فأنكره وقال إيش هذا.
قال ابن هانىء: دفع إلى أبو عبد الله يوما في المسجد الجامع ثلاث قطع فيها قريب من دانقين أعطيها وأشار إلى رجل فجاء معي حتى وقف عليه فدفعها إليه وهو ينظر إلى فلما أن دخل المسجد وصلينا الفريضة إذا نحن بالسائل يقول والله ما دفع إلى اليوم شيء ولا وقع بيدي اليوم شر من حرماني الطريق قال لي أبو عبد الله ألم تر ذلك السائل ويمينه بالله عز وجل يروي عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم إن صح: " لو صدق السائل ما أفلح من رده".
وقال لي أبو عبد الله: "يكذبون خير لنا لو صدقوا ما وسعنا حتى نواسيهم بما معنا". وما رأيته تصدق في مسجد الجامع غير تلك المرة.
ففي هذا جواز الصدقة على سؤال المساجد فيها ووجوب المواساة عند الحاجة وجواز رواية الحديث الضعيف فقلنا باشتراط الصحة.