للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

الإعادة والتضمين ثبوت الأحكام في حق العبد.

وقاعدة هذه الباب أن الأحكام إنما تثبت في حق العبد بعد بلوغه هو وبلوغها إليه فكما لا يترتب في حقه قبل بلوغه وهو كذلك لا يترتب في حقه قبل بلوغها إليه وهذا مجمع عليه في الحدود أنها لا تقاوم إلا على من بلغه تحريم أسبابها وما ذكرناه من النظائر يدل على ثبوت ذلك في العبادات والحدود ويدل عليه أيضا في المعاملات قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} فإمرهم تعالى أن يتركوا ما بقي من الربا وهو ما لم يقبض ولم يأمرهم برد المقبوض لأنهم قبضوه قبل التحريم فأقرهم عليه بل أهل قبا صلوا إلي القبلة المنسوخة بعد بطلانها ولم يعيدوا ما صلوا بل استداروا في صلاتهم واتموها لأن الحكم لم يثبت في حقهم إلا بعد بلوغه إليهم.

وفي هذا الأصل ثلاثة أقوال للفقهاء وهي لأصحاب أحمد هذا أحدها: وهو أصحها وهو اختيار شيخنا رضي الله عنه.

الثاني: أن الخطاب إذا بلغ طائفة ترتب في حق غيرهم ولزمهم كما لزم من بلغه وهذا اختيار كثير من اصحاب الشافعي وغيرهم.

الثالث: الفرق بين الخطاب الابتدائي والخطاب الناسخ فالخطاب الابتدائي يعم ثبوته من بلغه وغيره والخطاب الناسخ لا يترتب في حق المخاطب إلا بعد بلوغه والفرق بين الخطابين أنه في الناسخ مستصحب لحكم مشروع مأمور به بخلاف الخطاب الابتدائي ذكره القاضي أبو يعلي في بعض كتبه ونصوص القرآن والسنة تشهد للقول الأول وليس هذا موضع استقصاء هذه المسألة وإنما أشرنا إليها إشارة قال أبو القاسم: "وفي الحديث دليل على أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي بمكة إلى بيت المقدس وهو قول ابن عباس يعني قوله للبراء: "لقد كنت على قبلة" وقالت طائفة: "ما صلى إلى بيت المقدس إلا منذ قدم المدينة سبعة عشر شهرا أو ستة عشر شهرا فعلى هذا يكون في القبلة نسخان نسخ سنة بسنة ونسخ سنة بقرآن وقد بين حديث ابن عباس منشأ الخلاف في هذه المسألة فروى عنه من طرق صحاح "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا صلى بمكة استقبل بيت المقدس وجعل الكعبة بينه وبين بيت المقدس" فلما كان يتحرى القبلتين جميعا لم يبن توجهه إلى بيت

<<  <  ج: ص:  >  >>