للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

الفرق بينهما عقلا وشرعا وحسا وهذا منافسد القياس وأبطله والعبد مأمور من جهة الرب تعالى ومنهي. وعند هؤلاء أن أوامره تكليف لما يطاق فهي غير مقدورة للعبد وهو مجبور على ما فعله من نواهيه فتركها غير مقدور له فلا هو قادر على فعل ما أمر به ولا على ترك ما ارتكبه مما نهي عنه بل هو مجبر في باب النواهي مكلف بما لا يطيقه في باب الأوامر وبإزاء هؤلاء القدرية الذين يقولون إن فعل العبد لا يتوقف على مشيئة الله ولا هو مقدور له سبحانه وأنه يفعله بدون مشيئة الله لفعله وتركه بدون مشيئة الله لتركه فهو الذي جعل نفسه مؤمنا وكافرا وبرا وفاجرا ومطيعا وعاصيا والله لم يجعله كذلك ولا شاء منه أفعاله ولا خلقها ولا يوصف بالقدرة عليها.

وقول هؤلاء شر من قول أولئك من وجه وقول أولئك شر من قول هؤلاء من وجه وكلاهما ناكب عن الحق حائد عن الصراط المستقيم.

فائدة:

قوله تعالى: {وَابْعَثْ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ} هي جمع مدينة وفيها قولان:

أحدهما: أنها فعيله واشتقاقها من مدن وعلى هذا فتهمز لأنها فعائل كعقائل وظرائف وابه.

الثاني: أنها مفعلة واشتقاقها من دان يدين وأصلها مديونة مفعولة من دان أي مملوكة مذللة لملكها منقادة له وفعل بها ما فعل بمبيوع حتى صار مبيعا فعند الخليل أنك ألقيت ضمه الياء على الباء فسكنت الياء التي هي عين الفعل وبعدها واو مفعول وهي ساكنة فاجتمع ساكنان فحذفت واو مفعول لأنها زائدة فهي أولى بالحذف من العين.

قال أبو الحسن الأخفش: "المحذوف عين الفعل والباقية هي واو

<<  <  ج: ص:  >  >>