للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

والجهاد وهذا الأليق بالآية والأكمل لمعناها وأما إذا جعل النفير فيها نفيرا لطلب العلم لم يكن فيها تعرض للجهاد مع إخراج النفير عن موضعه.

والذي أوجب لهم دعوى أن النفير في طلب العلم أنهم رأوا الضمير إنما يعود على المذكور القريب فالمنذرون هم النافرون وهم المتفقهون وجواب هذا الضمير إنما يرجع إلىالأقرب عند سلامته من معارض يقتضي الأبعد وقد بينا أن السياق يقتضي أن القاعد هو المتفقة المنذر للنافر الراجع.

والمقصود أن نفر في الآية ماض وإنما يفهم منه الاستقبال لأن التحضيض يؤذن به والتحقيق في هذا الموضع أن لفظه لولا وهلا إن تجرد للتوبيخ لم يتغير الماضي عن وضعه وإن تجرد للتحضيض تغير إلى الاستقبال وإن كان توبيخا مشربا معنى التحضيض صلح للأمرين وإن وقع بعد كلما جاز أن يراد به المضي كقوله تعالى: {كُلَّ مَا جَاءَ أُمَّةً رَسُولُهَا كَذَّبُوهُ} وإن يراد به الاستقبال كقوله كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها وقد ظن صاحب التسهيل أنه إذا وقع صلة للموصول جاز أن يراد به الاستقبال محتجا بقوله تعالى إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم فاعلموا أن الله غفور رحيم وهذا وهم منه رحمة الله والفعل ماضي لفظا ومعنى والمراد إلا الذين تقدمت توبتهم القدرة عليهم فخلوا سبيلهم والاستقبال الذي لحظه رحمه الله إنما هو لما تضمنه الكلام من معنى الشرط ففيه معنى من تاب قبل أن تقدروا عليه فخلوا سبيله فلم يجيء هذا من قبل الصلة ولو تجردت الصلة عن معنى الشرط لم يكن الفعل إلا ماضيا وضعا ومعنى كقوله تعالى: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ} وأما قوله صلى الله عليه وسلم: "نضر الله امرءا سمع مقالتي " فقال صاحب التسهيل: "إن الاستقبال في (سمع) جاء من كونه وقع صفة لنكرة عامة وهذا وهم أيضا فإن ذلك لا يوجب استقبالا بحال تقول: كم من مال أنفقته وكم رجل لقيته وكم نعمة كفرها أبو جهل وكم مشهد شهده علي مع رسول الله جاء الاستقبال من جهة ما تضمنه الكلام من الشرط فهو في قوة من سمع مقالتي فوعاها نضره الله فتأمله وكذلك إذا

<<  <  ج: ص:  >  >>