"لا يخلصه النفي بذلك للاستقبال" واحتج بهذا البيت وبقوله:
والمرء ساع لأمر ليس يدركه ... والعيش شح وإشفاق وتأميل
وبقول أبي ذؤيب:
أودى بني وأودعوني حسرة ... عند الرقاد وعبرة ما تقلع
وبقول النابغة الذبياني يمدح النبي صلى الله عليه وسلم:
له نافلات ما يغب نوالها ... وليس عطاء اليوم مانعه غدا
وبقوله تعالى:{قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلاّ مَا يُوحَى إِلَيّ} والتحقيق في ذلك ان هذه الأدوات تنفي الفعل المبتدىء من الحال مستمر النفي في الاستقبال فلا تنفيه في الحال نفيا منقطعا عن التعرض للمستقبل ولا تنفيه في المستقبل مع جواز التلبس به في الحال فتأمله.
وتتخلص للاستقبال بعشرة أشياء: حرف تسويف أو مصأحبة ناصب أو أداة ترج أو إشفاق كلعل أو مجازاة أو نوني التوكيد أو لو المصدرية كقوله تعالى: {وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ} ومثال الإشفاق قول الشاعر:
فأما كيس فنجا ولكن ... عسى يغتر بي حمق لئيم
فائدة:
قوله في الحديث الصحيح:"إنما كنت خليلا من وراء وراء " يجوز فيه وجهان:
الأول: فتحهما معا وهو الأشهر والأفصح وهما مبنيان على الفتح للتركيب المتضمن للحرف كقولهم: هو جاري بيت بيت والمعنى بيته إلى بيتي ومنه قولهم همزة بين بين وفلان يأتيك صباح مساء ويوم يوم وتركوا البلاد حيث بيث وحاث بات ووقعوا في حيص بيض بيض وأصل هذا كله خمسة عشر وبابه فإن أصله قبل التركيب العطف فركب وبني لتضمنه معنى حرف العطف ولا كذلك بعلبك وبابه لأن