للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

مؤنثة لأنهم قالوا في تصغيرها وريئة".

قلت: ولكن ليس تأنيثها بالهمزة الممدودة بل تأنيثها معنوي لا علامة له لكن ما تأنيثه بالهمزة إذا صغر لم تقع الهمزة في حشوة كحمراء فلما قالوا وريئة علم أن همزتها ليست للتأنيث بل تأنيثها كتأنيث قوس وإذن ونحوهما وقد حكيت في هاتين الكلمتين أربعة أوجه أخرى:

أحدها: من وراء وراء بكسر الهمزة فيهما وهي كسرة بناء.

الثانية: من وراء وراء بفتح الأولى وضم الثانية ووجه إضافه الأولى إلى الثانية فأعربت الأولى وبنيت الثانية على الضم قالوا فتكون الأولى ظرفا منصوبا والثانية غاية مقطوعة.

قلت: وتصحيح هذا يستلزم أن يكون وراء صفة لمحذوف ليصح تقدير الظرفية فيه فيكون تقديره من مكان وراء وإلا فمع مباشرة من لا ينتصب ظرفا.

الثالثة: من وراء وراء بالنصب فيهما علىالظرفية ووجهة ما أشرنا إليه من تقدير موصوف محذوف أي من مكان وراء وراء.

الرابعة: من وراء وراء بكسر الأولى وفتح الثانية فتجر الأولى بإضافتها وتعرب الثانية إعراب غير المنصرف كقولك: من أحجر عثمان وموضوع هذه الكلمة كخلف وضد أمام.

وذهب بعض المفسرين واللغوين إلى أنها قد تأتي بمعني أمام فتكون مشتركة بينهما واحتج بأمرين: الأول قوله تعالى: {مِنْ وَرَائِهِ جَهَنَّمُ وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ} وجهنم إنما هي أمام الكافر وكذلك قوله: {وَمِنْ وَرَائِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ} وإنما العذاب الغليظ أمامه وفيما يستقبله الثاني قوله تعالى: {أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ} أي أمامهم بدليل قراءة عبد الله بن عباس وكان إمامهم ملك وهذا المذهب ضعيف ووراء لا يكون أماما كما لا يكون أمام وراء إلا بالنسبة إلى شيئين فيكون أمام الشيء وراء لغيره ووراء الشي أماما لغيره فهذا الذي يعقل فيها وأما أن يكون وراء زيد بمعنى أمامه فكلا.

وأما ما استدلوا به فلا حجة فيه فأما قوله تعالى: {مِنْ وَرَائِهِ جَهَنَّمُ} فالمعنى أنه ملاق جهنم بعد موته فهي من بعده أي بعد مفارقته الدنيا فهي لما كانتبعد حياته كانت وراءه لأن وراء كبعد فكما

<<  <  ج: ص:  >  >>