للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

فائدة:

إذا قلت: جاءني زيد بل عمرو فله معنيان:

أحدهما: أنك نفيت المجيء عن زيد وأثبته لعمرو وعلى هذا فيكون إضراب نفي.

والثاني: أنك أثبت لعمرو المجيء كما أثبته لزيد وأتيت بـ (بل) لنفي الاقتصار على الأول لا لنفي الإسناد إليه بل لنفي الاقتصار على الإسناد إليه ويسمى إضراب اقتصار وهذا أكثر استعمالا في القرآن وغيره كقوله تعالى: {بَلْ قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلامٍ بَلِ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ شَاعِرٌ} وكقوله: {بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الآخِرَةِ بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْهَا بَلْ هُمْ مِنْهَا عَمُونَ} ونظائره ويسمى هذا إضرابا وخروجا من قصة إلى قصة.

وإذا قلت: ما جاءني زيد بل عمرو فله معنيان:

أحدهما: أنك نفيت المجيء عن زيد وأثبته لعمرو وهذا قول الأكثرين.

والثاني: أنك نفيت المجيء عنهما معا فنسبت إلى الثاني حكم الأول وأنت حكمت على الأول بالنفي ثم نسبت هذا الحكم إلى الثاني.

والتحقيق في أمر هذا الحرف أنه يذكر لتقرير ما بعده نفيا كان أو إثباتا فالنظر فيه في أمرين فيما قبله فيما بعده ولما لم يفصل كثير من النحاة بين هذين النظرين وقع في كلامهم تخليط كثير في معناه فنقول أما حكم ما بعده فالتقرير والتحقيق وهو شبيه بمصحوب قد وتجريد العناية بالكلام إلي ما بعده أهم عندهم من الاغتناء بما قبله فقوله تعالى: {بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا} المقصود تقرير هذه الجملة لا الإضراب عن قوله: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى} وكذلك قوله: {كَلاّ بَلْ لا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ} المقصود تقرير هذا النفي وتحقيقه لا الإضراب عن قوله: {وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلاً لَمّاً وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبّاً جَمّاً} وكذلك إذا وقعت بين جملتين متضادتين أفادت تقرير كل واحدة منهما كقوله: {وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ} فالمقصود تقرير الطلب والخبر وكذلك

<<  <  ج: ص:  >  >>