[الباب الثاني والعشرون: في استيفاء شبه النافعين للحكمة والتعليل وذكر الأجوبة عنها]
قالت النفاة قد أجلبتم علينا بما استطعتم من خيل الأدلة ورجلها فاسمعوا الآن ما يبطله ثم أجيبوا عنه إن أمكنكم الجواب فنقول ما قاله أفضل متأخريهم محمد بن عمر الرازي:"كل من فعل فعلا لأجل تحصيل مصلحة أو لدفع مفسدة فإن كان تحصيل تلك المصلحة أولى من عدم تحصيلها كان ذلك الفاعل قد استفاد بذلك الفعل تحصيل ذلك" ومن كان كذلك كان ناقصا بذاته مستكملا بغيره وهو في حق الله محال وإن كان تحصيلها وعدمه بالنسبة إليه سواء فمع ذلك لا يحصل الرجحان فامتنع تحصيلها ثم أورد سؤالا وهو لا يقال حصولها واللاحصولها بالنسبة إليه وإن كان على التساوي إلا أن حصولها للعبد أولى من عدم حصولها له فلأجل هذه الأولوية العائدة إلى العبد يرجح الله سبحانه الوجود على العدم ثم أجاب بأنا نقول تحصيل تلك المصلحة وعدم تحصيلها له إما أن يكونا متساويين بالنسبة إلى الله أو لا يستويان وحينئذ يعود التقسيم المذكور قال المثبتون الجواب عن هذه الشبهة من وجوه أحدها أن قولك أن كل من فعل لغرض يكون ناقصا بذاته مستكملا بغيره ما تعني بقولك أنه يكون ناقصا بذاته أتعني به أنه يكون عادما لشيء من الكمال الذي لا يجب أن يكون له قبل حدوث ذلك المراد أم تعني به أن يكون عادما لما ليس كمالا قبل وجوده أم تعني به معنى ثالثا