قدرته على منع المؤلم المضر- أى مصلحة لمن مكن من ذلك وأُقدر عليه، وهل كانت مصلحته إلا تعجيزه وأَن يحال بينه وبين القدرة على الأَداءِ وصون العباد؟ قالوا: فهذه الشريعة التى وضعتموها لرب العباد، وأوجبتم عليه ما أوجبتم، وحرمتم عليه ما حرمتم وجحدتم عليه فى تصرفه فى ملكه بغير ما أصلتم وفرعتم بعقولكم وآرائكم، تشبيهاً له وتمثيلاً بخلقه فيما يحسن منهم ويقبح، مع أنها شريعة باطلة ما أنزل الله بها من سلطان فإنكم لم تطردوها، بل أنتم متناقضون فيها غاية التناقض، خارجون فيها عما يوجبه كل عقل صحيح وفطرة سليمة، فلا للتشبيه والتمثيل طردتم، ولا بالتعويض قلتم، ولا على حقيقة الحكمة والحمد وقفتم، بل أَثبتم له نوع حكمة لا تقوم به ولا ترجع إليه بل هى قائمة بالخلق فقط، وقد حتم بها فى تمام ملكه، كما أثبت له إخوانكم من الجبرية قدرة مجردة عن حكمة وحمد وغاية يفعل لأجلها، بل جعلوا حمده وحكمته اقتران أفعاله بما اقترنت به من المصالح عادة ووقوعها مطابقة لمشيئته وعلمه فقط، فقدحوا بذلك فى تمام حمده.
وقام حزب الله وحب رسوله وأنصار الحق بلا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير حق القيام وراعوا هذه الكلمة حق رعايتها علماً ومعرفة وبصيرة، ولم يلقوا الحرب بين حمده وملكه بل أثبتوا له الملك التام الذى لا يخرج عنه شيء من الموجودات أَعيانها وأفعالها، والحمد التام الذى وسع كل معلوم وشمل كل مقدور، وقالوا: إن له فى كل ما خلقه وشرعه حكمة بالغة ونعمة سابغة لأجلها خلق وأَمر، ويستحق أن يثنى عليه ويحمد لأجلها، كما يثنى عليه ويحمد لأَسمائه الحسنى ولصفاته العليا، فهو المحمود على ذلك كله أَتم حمد وأكمله، لما اشتملت عليه صفاته من الكمال وأَسماؤه من الحسن وأفعاله من الحكم والغايات والمقتضية لحمده المطابقة لحكمته الموافقة لمحابه، فإنه سبحانه كامل الذات كامل الأسماءِ والصفات لا يصدر عنه إلا كل فعل كريم مطابق للحكمة موجب للحمد يترتب عليه من محابه ما فعل لأجله، وهذا أمر ذهب عن طائفتى الجبرية والدهرية وحال بينهم