للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أو رسله بإرادتها بكلامه، فأنشؤا منكراً وقالوا زوراً.

فإذا ضاق عليهم المجال وغلبتهم النصوص وبهرتهم شواهد الحقيقة من اطرادها وعدم فهم العقلاءِ سواها ومجيئها على طريقة واحدة وتنوع الأَلفاظ الدالة على الحقيقة واحتفافها بقرائن من السياق والتأكيد وغير ذلك مما يقطع كل سامع بأن المراد حقيقتها وما دلت عليه، قالوا: الواجب ردها وأن لا يشتغل بها، وإن أحسنوا العبارة والظن قالوا: الواجب تفويضها وإن نكل علمها إلى الله من غير أن يحصل لنا بها هدى أَو علم أو معرفة بالله وأسمائه وصفاته، أو ننتفع بها فى باب واحد من أبواب الإيمان بالله وما يوصف به وما ينزه عنه، بل نجرى ألفاظها على ألسنتنا ولا نعتقد حقيقتها لمخالفتها للقواطع العقلية، فسموا أُصولهم الفاسدة وشبههم الباطلة- التى هى كبيت العنكبوت، وكما قال فيها القائل شعراً:

شبه تهافتُ كالزجاج تخالها ... حقا وكل كاسر مكسور

قواطع عقلية، مع اختلافهم فيها وتناقضهم فيها ومناقضتها لصريح المعقول وصحيح المنقول، فسموا كلام الله ورسوله: "ظواهر سمعية" إزالة لحرمته من القلوب ومنعاً للتعلق به والتمسك بحقيقته فى باب الإيمان والمعرفة بالله وأسمائه وصفاته، فعبروا عن كلامهم بأنه "قواطع عقلية" فيظن الجاهل بحقيقته أنه إذا خالفه فقد خالف صريح المعقول، وخرج عن حد العقلاءِ، وخالف القاطع، وعبروا عن كلام الله ورسوله بأنه "ظواهر" فلا جناح على من صرفه عن ظاهره وكذب بحقيقته واعتقد بطلان الحقيقة بل هذا عندهم هو الواجب، وقد أَشهد اللهُ سبحانه عبادَه الذين أُوتوا العلم والإِيمان أَن الأَمر بعكس ما قالوه، وأَن كلامه وكلام رسوله هو الشفاءُ والعصمة والنور الهادى والعلم المطابق لعلومه، وأنه هو المشتمل على القواطع العقلية السمعية والبراهين اليقينية، وأَن كلام هؤلاءِ المتهوكين الحيارى المتضمن خلاف ما أَخبره به عن نفسه وأَخبر به عن رسوله هو الشبهات الفاسدة والخيالات الباطلة، وأَنه كالسراب الذى يحسبه الظمآن ماءً حتى إِذا جاءَه لم يجده شيئاً، ووجد الله عنده فوفاه حسابه والله سريع الحساب، وهؤلاء هم أَهل العلم حقاً الذين شهد الله سبحانه لهم به فقال [تعالى] : {وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِى أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ

<<  <   >  >>