للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هنا الأساور من الفضة والأكواب من الفضة في جزاء الأبرار، وذكر في سورة الملائكة الأساور من الذهب في جزاء السابقين بالخيرات، فعلم جزاء المقتصدين من سورة الإنسان، وعلم جزاء السابقين من سورة الملائكة، فانتظمت السورتان جزاء المقربين على أتم الوجوه، والله أعلم بأسرار كلامه وحكمه.

قالوا: وهذا هو الجواب عن قولكم: إن الضمير يختص به أقرب مذكور إليه.

قالوا: وأما قولكم إن الظالم لنفسه إنما هو الكافر فقد تقدم جوابه وذكر ما يبطله.

قالوا: وأما قولكم: إن هذا الآيات نظير آيات الواقعة وسورة الإنسان وسورة المطففين في تقسيم الناس إلى ثلاثة أقسام: أصحاب الشمال، وأصحاب اليمين، والمقربون.

فلا ريب أن هذه الآية وافية بالأقسام الثلاثة مع مزيد تقسيم آخر وهو تقسيم أصحاب اليمين إلى ظالم لنفسه ومقتصد فهي مشتملة على تلك الأقسام وزيادة.

قالوا: وأما قولكم: إن الآثار الدالة على أن الأصناف الثلاثة هم السعداء أهل الجنة ضعيفة لا تقوم بها حجة فجوابه: إنها قد بلغت في الكثرة إلى حد يشد بعضها بعضا ويشهد بعضها لبعض، ونحن نسوق م نها آثارا غير ما ذكرناه يعلم به كثرتها وتعدد طرقها، فروى ابن مردويه في تفسيره من حديث سفيان عن الأعمش عن رجل عن أبي ثابت أن رجلا دخل المسجد فقال: اللهم ارحم غربتي وآنس وحشتي وسق لي جليسا صالحا. فقال أبو الدرداء: إن كنت صادقا لأنا أسعد بذلك منك، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ هذه الآية: {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ} [فاطر: ٣٢] ، مقال: أما السابق بالخيرات فيدخله الجنة بغير حساب، وأما المقتصد فيحاسب حسابا يسيرا وأما الظالم لنفسه فيحبس في المقام حتى يدخله الهم والحزن ثم يدخل الجنة ثم قرأ هذه الآية: {الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن إن ربنا لغفور شكور} [فاطر: ٣٤] .

وقد ذكرنا فيما تقدم حديث أبي ليلى عن أخيه عيسى عن أبيه عن أسامة بن زيد في قوله تعالى:

{فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ} قال: قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم "كلهم من هذه الأمة".

وروى ابن مردويه أيضا من حديث الفضل بن عميرة القيسي عن ميمون بن سياه عن أبي عثمان النهدي قال: سمعت عمر بن

<<  <   >  >>