للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الخطاب يقول على المنبر: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "سابقنا سابق ومقتصدنا ناج، وظالمنا مغفور له"، وقرأ عمر: {فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ} .

وروى أيضا من حديث أبي داود عن شعبة عن الوليد بن العيراز قال: سمعت رجلا من ثقيف يحدث عن رجل من كنانة عن أبي سعيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في هذه الآية: {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا} ، قال "كلهم في الجنة"، أو قال: "كلهم بمنزلة واحدة". قال شعبة: أحدهما، ورواه دواد بن إبراهيم عن شعبة به وقالوا: دخلوا الجنة كلهم بمنزلة واحدة. فهذا حديث صحيح إلى شعبة وإذا كان شعبة في حديث لم يطرح، بل شد يديك به. ورواه يحيى بن سعيد عن الوليد بن العيزار فذكره بمثله، وروى محمد بن سعد عن أبيه عن عمه: حدثنا أبي عن أبيه عن ابن عباس في قوله عز وجل: {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا} الآية، قال: جعل الله أهل الإيمان على ثلاث منازل كقوله: {وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ مَا أَصْحَابُ الشِّمَالِ} {وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ} ، {وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ} فهم على هذا المثال.

قلت: يريد ابن عباس أن الله قسم أصحاب اليمين إلى ثلاث منازل كما قسم الخلق في الواقعة إلى ثلاث منازل، فإن أصحاب الشمال المذكورين في الواقعة هم الكفار المنكرون للبعث، فكيف تكون هذه منزلة من منازل أهل الإيمان؟ ويجوز أن يريد أن الظالمين لأنفسهم المستحقين للعذاب هم من أهل الشمال، ولكن إيمانهم يجعلهم آخرا من أهل اليمين. وروي من حديث معاوية بن صالح عن علي بن أبي (طلحة) عن ابن عباس في هذه الآية فقال: هم أمة محمد صلى الله عليه وسلم ورثهم الله (سبحانه) كل كتاب أنزله، فظالمهم يغفر له، ومقتصدهم يحاسب حسابا يسيرا، وسابقهم يدخل الجنة بغير حساب.

وروي من حديث عثمان بن أبي شيبة حدثنا الحسن بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، حدثنا عمران بن محمد بن أبي ليلى، حدثنا أبي عن الحكم، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن البراء بن عازب- أو عن رجل عن البراء بن عازب- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ} ، قال: "كلهم ناج وهي هذه الأمة".

ورواه الفريابي حدثنا سفيان عن أبي ليلى عن الحكم عن رجل حدثه عن البراء قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم

<<  <   >  >>