للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من المنتسبين إلى السنة، بل كل ما لزم من الحق فهو حق يتعين القول به كائناً ما كان، وهل تسلط أهل البدع والضلال على المنتسبين للسنة إلا بهذه الطريق، ألزموهم بلوازم تلزم الحق فلم يلتزموها ودفعوها وأَثبتوا ملزوماتها، فتسلطوا عليهم بما أَنكروه لا بما أثبتوه فلو أَثبتوا لوازم الحق ولم يفروا منها لم يجد أَعداؤهم إليهم سبيلا، وإن لم تكن لازمة لهم فإلزامهم إياها باطل، وعلى النقدين فلا طريق لهم إلى رد أقوالهم، وحينئذ فلهم جوابان مركب مجمل، ومفرد مفصل.

أما الأول فيقولون لهم: هذه اللوازم التى تلزمونا بها إما أن تكون لازمة فى نفس الأمر، وإما أن لا تكون لازمة، فإن كانت لازمة فهى حق إذ قد ثبت أن ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم فهو الحق الصريح، ولازم الحق حق، وإن لم تكن لازمة فهى مندفعة ولا يجوز إلزامها، وأما الجواب المفصل فيفردون كل إلزام بجواب، ولا يردونه مطلقاً [ولا يقبلونه مطلقاً] بل ينظرون إلى ألفاظ ذلك الإلزام ومعانيه، فإن كان لفظها موافقاً لما جاءَ به الرسول صلى الله عليه وسلم يتضمن إثبات ما أثبته [أو] ونفى ما نفاه فلا يكون المعنى إلا حقاً، فيقبلون ذلك الإلزام.

وإن كان مخالفاً لما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم متضمناً لنفى ما أثبته أو إثبات ما نفاه كان باطلاً لفظاً ومعنى فيقابلونه بالرد.

وإن كان لفظاً مجملاً محتملاً لحق وباطل لم يقبلوه مطلقاً، ولم يردوه مطلقاً حتى يستفسروا قائله ماذا أراد به، فإن أراد معنى صحيحاً مطابقاً لما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم قبلوه ولم يطلقوا اللفظ المحتمل إطلاقاً، وإن أراد معنى باطلاً ردوه ولم يطلقوا نفى اللفظ المحتمل أيضاً.

فهذه قاعدتهم التى بها يعتصمون وعليها يعولون. وبسط هذه الكلمات يستدعى أسفاراً لا سفراً واحداً، ومن لا ضياءَ له لا ينتفع بها ولا بغيرها فلنقتصر عليها، ولنعد إلى المقصود فنقول وبالله التوفيق.

فرح الرب سبحانه هذا الفرح العظيم بتوبة عبده إذا تاب إليه هو من ملزومات محبته ولوازمها، أعنى كونه محباً لعباده المؤمنين، محبوباً لهم، وإنما خلق خلقه لعبادته المتضمنة لكمال محبته والخضوع له، ولهذا خلق الجنة والنار، ولهذا أرسل الرسل وأنزل الكتب، وهذا هو الحق الذى خلق به السماوات والأرض وأنزل به الكتاب، قال تعالى: {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلا بِالْحَقِّ} [الحجر: ٨٥] ، وقال تعالى: {إِنَّ رَبَّكُمُ اللهُ الَّذِى خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ فِى سِتَّةِ أَيَّام

<<  <   >  >>