سبعون درجة ما بين الدرجتين حُضر الفرس الجواد المضمر سبعين سنة.
والصحيح أن الدرجات هى المذكورة فى حديث أبى هريرة الذى رواه البخارى فى صحيحه [عنه] عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من آمن بالله ورسوله وأقام الصلاة وصام رمضان فإن حقاً على الله أن يدخله الجنة، هاجر فى سبيل الله أو جلس فى أرضه التى ولد فيها" قالوا: يا رسول الله، أفلا نخبر الناس بذلك؟ قال:"إن فى الجنة مائة درجة أعدها الله للمجاهدين فى سبيله، كل درجتين كما بين السماءِ والأرض فإذا سألتم الله فاسألوه الفردوس فإنه أوسط الجنة وأعلى الجنة وفوقه عرش الرحمن، ومنه تفجر أنهار الجنة".
قالوا: وجعل سبحانه وتعالى التفضيل الأَول بدرجة فقط، وجعله [ها هنا] بدرجات ومغفرة ورحمة، وهذا يدل على أنه يفضل على غير أُولى الضرر، فهذا تقرير هذا القول وإيضاحه.
ولكن بقى أن يقال: إذا كان المجاهدون أفضل من القاعدين مطلقاً لزم أن لا يستوى مجاهد وقاعد مطلقاً، فلا يبقى فى تقييد القاعدين بكونهم من غير أُولى الضرر فائدة، فإنه لا يستوى المجاهدون والقاعدون من أُولى الضرر أيضاً.
وأيضاً فإن القاعدين المذكورين فى الآية الذين وقع التفضيل عليهم هم غير أولى الضرر لا القاعدون الذين هم أولوا الضرر، فإنهم لم يذكر حكمهم فى الآية، بل استثناهم وبين أن التفضيل على غيرهم، فاللام فى "القاعدين" للعهد والمعهود هم غير أولى الضرر لا المضررون وأيضاً فالقاعد من المجاهدين لضرورة تمنعه من الجهاد له مثل أجر المجاهد، كما ثبت عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال:"إذا مرض العبد أو سافر كتب له من العمل ما كان يعمل صحيحاً مقيماً"، وقال صلى الله عليه وسلم:"إن بالمدينة أقواماً ما سرتم مسيراً ولا قطعتم وادياً إلا وهم معكم" قالوا: وهم بالمدينة؟ قال:"وهم بالمدينة حبسهم العذر"، وعلى هذا فالصواب أن يقال: الآية دلت على أن القاعدين من غير أُولى الضرر لا يستوون هم والمجاهدون، وسكت [عن القاعدين من أولى الضرر فلم يدل على حكمهم بطريق منطوقها] عن حكمهم بطريق منطوقها ولا يدل مفهومها على مساواتهم للمجاهدين.
بل هذا النوع منقسم إلى معذور من أهل الجهاد غلبه عذره وأقعده عنه ونيته جازمة لم يتخلف عنها مقدورها، وإنما أقعده العجز، فهذا الذى تقتضيه أدلة الشرع أن له مثل أجر المجاهد.
وهذا القسم لا يتناوله الحكم بنفى التسوية، وهذا لأن