الدعاة هناك مطلوب منهم تحصيل الأدنى في معرفة اللغة القشتالية والإلمام بتاريخ الإسبان وجغرافيتهم وأصولهم وقوانينهم السائدة والتطور الذي يعيشون فيه. وذلك لأن إهمال ثقافة الآخر عامل أساسي في فشل الدعوة الصحيحة وبروز الأهواء الثائرة.
لقد رأينا كيف رد الإمامان الكبيران الشيخان أحمد بن تيمية وشمس الدين ابن قيم الجوزية رحمهما الله، على النصارى: الأول في كتاب ضخم (القول الصحيح) والثاني في (هداية الحيارى) ولم يكن الردان ليتما لولا اطلاع العالمين على ثقافة الآخر آنذاك.
والآن أستاذ بدرجة دكتور خريج جامعة إسلامية لا يفقه في (ثقافة الآخر) شيئا ولا يملك منها نقيرا ولا قطميرا، يبعث إلى مدريد أو برشلونة أو إشبيلية أو حاضرة أخرى وحوله تحلق جمع للانصات لخطابه والرجل أمي أمية مفرطة في (ثقافة الآخر) .
كيف يفيد مثل هذا الرجل في تخريجاته وتأويلاته وأجوبته على نوازل وحوادث ووقائع ب (أرض الآخر) فهو في موطن غير موطنه محكوم عليه أن يراعي الاختلافات بين أهله وهؤلاء (الآخرين) وإلا خبط خبط عشواء وسلك سبيلا معوجا على رغم حسن نيته وجميل طويته.