ثم لما اصطفاه ربه إلى الرفيق الأعلى واختاره إلى جواره تابع أصحابه رضوان الله عليهم تعاليمه الطاهرة في بث هذه الدعوة الصحيحة في كل الأرجاء والبقاع والأصقاع التي وصلوا إليها وورثهم التابعون على النهج نفسه من دون تبديل ولا تغيير يصدعون بالحق ويبينونه ويدحضون الباطل وينهون عنه.
فكانت الدعوة الإسلامية أماتنا الله عليها في زمان النبوة ثم في القرن الذي بعدها ثم في القرن الثالث صافية خالصة نقية لا تشوبها شائبة ولا يكدرها مكدر، فالقوم كان مرادهم إيضاح الحق والهداية بالقول والفعل إلى الطريق المستقيم المتضمن لسعادة الدارين.
واستمر السلف الصالح على هذا المنوال في تمحيص وتمحيض النصيحة للخلق لا يحركهم في ذلك إلا حب الله ورسوله صلى الله عليه وسلم والرغبة في نيل الثواب والأجر من الله. ولم يكونوا يرتزقون بالدلالة على الله أو يبغونها عوجا. فقامت في الأرض حضارة أساسها القرآن أينعت أغصانها وأثمرت أشجارها في العالم المعروف آنذاك.
فالدعوة إلى الإسلام هي نهي عن ضده أي زجر عن الكفر وتقبيح للإلحاد وتسفيه للشرك وتنفير من ملابسة عورة التمرد على الخالق جل جلاله.