للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسلمين ويبعد المسلمين عنها بكل ما استطاع.

ولقد اهتم بذلك أيما اهتمام، حتى كاد أن يستأثر هذا الجانب بكل همته، كما كاد أن يستأثر بالواقع، في بداية الإِصلاح، ولأن مشكلة العالم الإسلامي تكمن في هذه الناحية، وكيد الشيطان يتركز على هذا الجانب، حيث يكيد للمسلم، ويزين له ما يحبط عمله ويفسده، ثم بعد ذلك يصل الشيطان إلى غرضه، فلا يضيره كثرة عمل المسلم وضخامته مادام أنه على شيء يناقضه ويفسده، ولذا فالشيخ رحمه الله كرس جهودا عظيمة في بيان هذه النقطة التي هي مفرق الطريق، ومنها يتميزالمسلم المستقيم الثابت من الذي ينقض دينه، سواء علم أو لم يعلم.

ولئن كان أبو حيان قد أصاب في مدحه ابن تيمية بقوله:

لما أتانا تقيُّ الدينِ لاحَ لنَا ... داعٍ إلى اللهِ فَرْدٌ ما له وَزَرُ

عَلى محياه منْ سيما الأُلى صَحِبوا ... خيرَ البريَّةِ نُورٌ دونهُ القَمَرُ

حَبْر تَسربل مِنه دهْرهُ حِبر ... بحرٌ تقاذفُ منْ أَمواجهِ الدُّررُ

قامَ ابن تَيمية في نصْر شِرعتِنَا ... مقامَ سَيدِ تَيمٍ إذْ عصتْ مُضَرُ

وأَظهرَ الحقَّ إذ آثارهُ اندرَستْ ... وأخمدَ الشرَّ إذْ طارتْ لَهُ شَررُ١

فإن من يصف الشيخ محمد بن عبد الوهاب بهذا الوصف، يصيب أيما إصابة حيث إِنه رحمه الله قد أظهر الحق، اذ اندرست آثاره، وأخمد


١ عن الدرر الكامنة، في أعيان المئة الثامنة، تأليف الحافظ أحمد بن حجر العسقلاني، ج١ص ١٥٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>