للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والجهلة واستهوتهم الشياطين فقلدهم العوام والطغام وهم الأكثر فاشتدت المحنة ولكن أَتباع الشيخ على بصيرة من الأمر يعلمون أَن هذه سنة الله تعالى في الذين خلوا من قبل وهي جارية لا تبديل لها ولا تحويل فمن سنة الله تعالى أن الناس إذا جاءهم بيان الهدى فمنهم من يقبله وهو من سبقت لهم السعادة، ومنهم من يرفضه وهو من كتب عليه الشقاء قال الله تعالى: {وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْياً بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} (البقرة: ٢١٣) .

ولذا كان فريق الشيخ مع قلتهم مصممين على المضي معه في بيان الواجب حتى لا يخسروا دينهم مهما كانت النتائج فأثابهم الله تعالى لما علم صدق نيتهم بأن جعل شأنهم يرتفع وكفتهم ترجح وكل يوم يمر كان في زيادتهم ونقصان معارضيهم فكان شأن المعارضين بعد أَن بلغ نهايته في البغي ينخفض ويخف، أما أتباع الشيخ فهم يزيدون في قوتهم وعددهم وبصيرتهم وعلومهم ويقينهم بوضوح رشد طريقتهم وهدايتهم كما قال تعالى: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} (العنكبوت: ٦٩) ١.

ولكن حريملاء كانت غير صالحة لأن تكون منطلقاً للدعوة إلى الله تعالى فقد كان رؤساؤها منقسمين إلى قبيلتين أصلهما قبيلة واحدة، وكل منهم يدعي أن القول له وليس للأخرى على الثانية قول وما كان لحريملاء


١ انظر: روضة ابن غنام ١/٢٨-٣٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>