للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فقال تعالى: {أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى} [الضحى:٦] ، وهي مِنَّةٌ لا يعلم قدرها إلا الله تعالى، ولم تكن لأحد قبله ولا بعده صلى الله عليه وسلم.

وأما فيما يتعلق بأخلاقه فقد أدركوا قوله تعالى: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم:٤] ، ولهذا عندما سئلت السيدة عائشة - رضي الله عنها - عن خلقه قالت: "كان خلقه القرآن" (١) ، أي إن ما في القرآن من آداب، وفضائل، ومكارم، وخشية، وورع، وتقوى، وأخلاق كلها تتمثل في شخصيته عليه الصلاة والسلام، ولم يُمْتَنَّ بهذا على نبي ولا رسول، فأفاد أنه انفرد بهذه الأخلاق دون سائر الخلائق (٢) .

وأما حديث القرآن عن رحمته ورأفته فقد أدركوها في قوله تعالى:

{بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ} [التوبة:١٢٨] ، وقوله تعالى: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ} [آل عمران:١٥٩] ، ولقد فاز على جميع الخلائق بهذه الرحمة "فهو الرحمة المهداة في الدنيا والآخرة" (٣) ، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، ويقول تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ} (٤) [الأنبياء: ١٠٧] .

وحديث القرآن الكريم عن المزايا التي وهبه الله إياها، حديث أكثر من أن


(١) صحيح مسلم كتاب مسند أحمد: ٦/١٦٧، السنن الكبرى: ٦/٤١٢، المعجم الأوسط: ١/١٨٣.
(٢) دلالة القرآن الكريم على أن النبي صلى الله عليه وسلم أفضل العالمين: ص:١٢.
(٣) المستدرك: ١/٣٥، مجمع الزوائد: ٨/٢٥٧.
(٤) إن هذه الرحمة شاملة لكل الخلق؛ إنسهم وجنهم، مؤمنهم وكافرهم، علويهم وسفليهم، مرئيهم ومخفيهم. انظر تفسير الطبري: ١٨/٥٢٢، وتفسير البغوي: ٣/٢٧١-٢٧٢، ابن كثير: ٣/٢٠٢، مكانة النبي الكريم بين الأنبياء عليهم السلام: ص:١٣٤-١٣٥.

<<  <   >  >>