للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

لقد شغلت هذه المرويات حيزاً غير قليل من الأحاديث، والذين ألفوا في الأحاديث لم تَخْلُ كتبهم غالباً من ذكر ما يتعلق بحياة النبي صلى الله عليه وسلم ومغازيه. وقد استمر هذا المنهج حتى بعد انفصال المغازي والسيرة عن الحديث في التأليف، وأصبحت علماً مستقلاً (١) .

وتأتي هذه الكتب من حيث الدقة بعد القرآن الكريم، وكتب الحديث الشريف. ومما يعطيها قيمة علمية كبيرة، أن أوائلها كتب في وقت مبكر جداً، على يد جيل كبار التابعين، حيث كان جيل الصحابة موجودين، ولم ينكروا عليهم كتابة مغازي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا يعني إقراراً لما كتب (٢) .

فالصحابة رضي الله عنهم على علم دقيق وواسع بهذه المرويات، لأنهم عاشوا أحداثها، وشاركوا فيها، وقد اشتهر عدد منهم بروايتها، وأولوها اهتماماً كبيراً، جاء في مقدمتهم، عبد الله بن عباس، وعبد الله بن عمر (٣) ، وأنس بن مالك، وعبد الله بن عمرو بن العاص، والبراء بن عازب، وسهل بن أبي حثمة، وسعيد بن سعد بن عبادة الخزرجي (٤) .

إن المتتبع لهذه الكتب المتخصصة يرى أنها جاءت في الدرجة الثانية بالنسبة لكتابة السنة النبوية، فقد كانت الكتابة في الحديث أسبق من كتابة السيرة والمغازي النبوية عموماً، فالأولى بدأت في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم.


(١) السيرة النبوية في ضوء القرآن والسنة: ١/٢٧.
(٢) السيرة النبوية الصحيحة:: ١/٥٣.
(٣) السيرة النبوية الصحيحة:: ١/٥٣.
(٤) لقد توصلت في دراستي لدرجة الدكتوراه، أن الصحابة رضي الله عنهم قد رووا عدداً كثيراً يصعب حصره من مرويات السيرة والمغازي، وأمكنني من خلال الدراسة تقسيمهم إلى (مكثرين، ومتوسطين، ومقلين) وذلك من خلال تتبع مروياتهم في ستة كتب من كتب الحديث، ولم يكن وقتها قد شاع استخدام الحاسوب، ولم تظهر وقتها هذه الموسوعات الحديثية الضخمة.

<<  <   >  >>