فالسيرة النبوية هي الترجمة العملية للقرآن الكريم، وهي التطبيق الصحيح للكتاب والسنة المطهرة، في واقع الحياة على جميع محاورها، ولهذا تقول السيدة عائشة أم المؤمنين - رضي الله عنها -:"كان خلقه القرآن".
ففي العبودية والتعلق بالله سبحانه وتعالى كان المثل الأعلى حيث عرف ربه وعبده، وتوكل عليه حتى أتاه اليقين، وفي دعوته إلى الله تعالى دعا بالحسنى، فحاز على رضوان الله عز وجل، وفي تربيته لأصحابه كان من أرفق الناس بهم، وذلك بتوفيق وأمر من الله تعالى.
وفي جهاده، وفي علاقاته، وفي بيعه وشرائه، وفي سفره وحضره، وفي طعامه وشرابه، ومع أهل بيته وجيرانه، ومع الفقراء والمساكين، والأطفال والنساء، حتى مع الجمادات والحيوانات، ومع كل شيء يحيط به، ويدخل في دائرة احتياجاته كان القدوة والمثل الكامل....
لقد كان صلى الله عليه وسلم رحمة مهداة من المولى عز وجل لجميع مخلوقاته. يقول تعالى في محكم التنزيل:{وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ}[الأنبياء: ١٠٧] ، ويقول تعالى:{وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ}[سبأ: ٢٨] .
من هنا يجمع المحدثون، والمؤرخون، وجمهور هذه الأمة، على أن السيرة