للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

خامساً: نبذة عن افتراق الفلاسفة:

الفلسفة تقوم على الأوهام، والخيال، والظن؛ لأنها لا ترتكز على وحي معصوم، وإنما تقوم على نتاج العقولِ، والعقول مهما بلغت فلن تستقل بمعرفة الشرائع، وحقائق الكون، وصحة النظر بكل حال.

ولهذا فإن الاختلاف، والافتراق، والاضطراب دأب الفلاسفة.

ومن الأمور التي يتضح من خلالها افتراق الفلاسفة ما يلي:

١ـ أن آراء الفلاسفة فردية ليس لها معيار ثابت: فهي تختلف باختلاف الفيلسوف، وبيئته، وثقافته، ورؤيته وزاوية بحثه؛ فالمادي يبحث في الحقيقة المادية، والفيلسوف الميتافيزيقي يبحث في الحقيقة الميتافيزيقية، وهكذا ...

٢ـ أن الحقيقة في أدوار الفلسفة غير ثابتة: فلكل فيلسوف وجهته، وكل فيلسوف يناقض غيره.

ثم إن ثقافة الفيلسوف، وبيئته، وأستاذه، وتيارات مجتمعه كل أولئك لهم تأثيرهم في رؤية الفيلسوف وصنع عقليته.

٣ـ كثرة اضطراب الفلاسفة وشكهم: قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في معرض حديث له عن الفلاسفة والمتكلمين: "أنك تجدهم أعظم الناس شكاً واضطراباً، وأضعف الناس علماً وبياناً، وهذا أمر يجدونه في أنفسهم، ويشهده الناس منهم، وشواهد ذلك أعظم من أن نذكرها.

وإنما فضيلة أحدهم باقتداره على الاعتراض، والقدح، والجدل.

ومن المعلوم أن الاعتراض والقدح ليس بعلم ولا فيه منفعة.

وأحسن أحوال صاحبه أن يكون بمنزلة العامي، وإنما العلم في جواب السؤال، ولهذا تجد غالب حججهم تتكافأ؛ إذ كل منهم يقدح في أدلة الآخر"١.


١ ـ نقض المنطق لابن تيمية ص٢٥.

<<  <   >  >>