ح _ حدود العقل: مع أن الإسلام ينظر تلك النَّظْرة العظيمة للعقل، ومع أن للعقل وظيفته العظمى _ كما مر _ إلا أن الإسلام يحدد مجال العقل، وذلك صوناً للطاقة العقلية أن تتشتت أو تتبدد وراء الأمور الغيبية التي لا يستطيع العقل إدراكها أو الوقوف على حقيقتها، كالذات الإلهية، والروح، والجنة، والنار، وكيفية صفات الله _ عز وجل _ وغيرها؛ ذلك أن العقل البشري له مجاله الذي يعمل فيه؛ فإذا ما حاول أن يتخطى هذا المجال فإنه سَيَضِل ويتخبط في متاهات لا قبل له بها؛ فمجال العقل كل ما هو محسوس.
أما الغيبيات التي لا تقع تحت مداركه فلا مجال للعقل أن يخوض فيها، ولا يخرج عما دلت عليه النصوص الشرعية في شأنها.
ط _ أهل السنة وسط في باب العقل بين الذين ألَّهوه والذين ألغوه: فالوسطية شأنهم في جميع أمورهم، ومن بينها العقل، فأهل السنة لا يُلْغُون العقل، ولا ينكرونه، ولا يحجرون عليه.
بل يعتقدون أن للعقل مكانة سامية، وأن الإسلام يقدر العقل، ويتيح له مجالات النظر والتفكير.
وفي الوقت نفسه لا يؤلهون العقل، ولا يجعلونه حاكماً على نصوص الشرع؛ بل يرون أن للعقل حدّاً يجب أن يقف عنده؛ لكي لا يكون وبالاً على صاحبه.
أما غيرهم فما بين مُفْرِط ومُفَرِّط في هذا الباب؛ فالمعتزلة، والفلاسفة، وأهل الكلام عموماً _ ألَّهوا العقل، وجعلوه مصدراً للتلقي؛ فما وافق العقل _ أو ما