للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مما تنبت الأرض ومن أنفسهم ومما لا يعلمون؛ فالنار التي جعل الله فيها حرارة لا يحصل الإحراق إلا بها وبمحلٍّ يقبل الاحتراق؛ فإذا وقعت على السَّمَنْدل١ والياقوت٢ ونحوهما لم تحرقهما.

وقد يطلى الجسم بما يمنع إحراقه، والشمس التي يكون عنها الشعاع _ لا بد من جسم يقبل انعكاس الشعاع عليه، وإذا حصل حاجز من سحاب، أو سقف لم يحصل الشعاع تحته"٣.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في القصيدة التائية في القدر:

وفي الكون تخصيص كثير يدل مَن ... له نوعُ عقلٍ أنه بإرادةِ

وإصداره عن واحد بعد واحد ... أو القول بالتجويز رَمْيةُ حيرةِ٤

ويريد الشيخ رحمه الله من خلال هذه الأبيات أن يبين أن ما في الكون من التخصيصات المتنوعة من كل وجه دلالةٌ واضحة على نفوذ مشيئة الله، وأن ذلك كائن بإرادته _ عز وجل_.

ومن تلك التخصيصات ما يُرى من الحِكم والانتظام، والحسن والالتئام،


١_ السمندل: يقال: إنه دابة دون الثعلب يكثر في الهند، ويتلذذ بالنار، ومكثه فيها.
وزعم آخرون أنه طائر ببلاد الهند يُفَرِّخ في النار، ويدخلها، ولا يحترق ريشه. انظر حياة الحيوان للدميري ١/٥٧٣_٥٧٤، والحيوان للجاحظ ٢/١١ و ٥/٣٠٩، و ٦/٤٣٤.
٢_ الياقوت: قال القزويني في كتابه عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات ص٢١٢: "حجر صلب شديد اليبس رزين شفاف صافٍ مختلف الألوان، ذكروا أنه لا تذوبه النار؛ لقلة دهنيته، ولا يتفتت؛ لغلظ رطوبته، بل يزداد لونه حسناً".
٣_ التدمرية ص٢١١_٢١٢.
٤_ مجموع الفتاوى ٨/٢٤٧_٢٤٨.

<<  <   >  >>