للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإذا ثبت أن الموجودات واقعة بإرادة الله _ تعالى _ فالأفعال من طاعة ومعصية منها؛ فهي _ إذاً _ واقعة بإرادة الله _ تعالى _ فقول القائل: معصيتي خَلْقي لا خلق الله خطأ والله أعلم.

المذهب الثاني: قول القائلين بأن واجب الوجود واحد، الواحد لا يصدر عنه إلا واحد؛ لأنه لو صدر عنه أكثر من واحد لكان من حين صدور هذا عنه مغايراً لنفسه من حيث صدورُ الآخر عنه، والمغايرة تقتضي التعدد، والتكثُّر؛ فيلزم أن يكون واحداً كثيراً، وهو محال.

قالوا: فوجب القول بأن الصادر عنه واحد، وهو الفلك الذي دونه، وعن ذلك الفلك ما دونه إلى أن انتهى التدريج إلى فلك القمر، وهو الذي يلي العالم السفلي، وهو عالم الكون، والفساد؛ فأثَّر فلك القمر في العناصر الأربعة: النار، والهواء، والماء، والأرض، ثم دبَّرت هذه العناصر ما تركَّب منها، وهو هذا العالم.

وهذا ونحوه تقرير مذهب الحكماء _ يعني الفلاسفة _ على ما ذكره بعضهم.

وهو فاسد؛ لأنه يوجب أن لا يوجد شيئان إلا وأحدهما علة للآخر".

إلى أن قال رحمه الله: "وإلى هذا أشار الشيخ _ يعني ابن تيمية _ بقوله:

وإصداره عن واحد بعد واحد ...

وأجاب عنه بأنه رمية حَيْرة، أي أنه دعوى لا برهان عليها، وإنما هو رأي صدر عن عقولٍ حارَتْ، وعن طريق الحق جارَتْ، وما لا برهان عليه لا يسمع".

ثم انتقل بعد ذلك إلى المذهب الثالث فقال:

<<  <   >  >>