ثالثاً: ماهية الكبائر والصغائر عند من حدوها بحد، ولم يحصروها بعدد: وأما الذين لم يحصروا الكبائر بعدد، وإنما حدوها بحد فقد اختلفوا في ذلك على أقوال منها:
١_ ما اقترن بالنهي عنه وعيد من لعن، أو غضب، أو عقوبة _ فهو كبيرة، وما لم يقترن به شيء فهو صغيرة.
٢_ وقيل: كل ما ترتب عليه حد في الدنيا، أو وعيد في الآخرة _ فهو كبيرة، وما لم يرتب عليه لا هذا ولا هذا فهو صغيرة ١.
٣_ وقيل: كل ما اتفقت الشرائع على تحريمه فهو من الكبائر، وما كان تحريمه في شريعة دون شريعة فهو صغيرة.
٤_ وقيل: كل ما لعن الله ورسوله فاعله فهو كبيرة.
٥_ وقيل: هي كل ما ذكر من أول سورة النساء إلى قوله: {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ}[النساء: ٣١] .
رابعاً: هل الحسنات والأعمال الصالحة تكفر الصغائر والكبائر على حد سواء أم لا بد في الكبائر من التوبة؟
والجواب على ذلك أن هذه المسألة قد اختلف فيها على قولين:
قال ابن رجب رحمه الله: في جامع العلوم ١/ ٤٢٥_٤٢٦: "وقد اختلف في
١_ وهذا ما رجحه شيخ الإسلام ابن تيمية × في مجموع الفتاوى ١١/٦٥٠، وقال في ١١/٦٥٠: "إنه أمثل الأقوال في هذه المسألة"، وقال في ١١/٦٥٤: "وإنما قلنا: إن هذا الضابط أولى من سائر تلك الضوابط المذكورة لوجوه ... " ثم ذكر خمسة وجوه.