للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

سارية، آمين. أيها الولد! وأيم الله، قد نفد صبري، وتحيرت في أمري، فأنا أسير بعد وأشواق، وطريح وجد وفراق، تبت يدا البعاد «١» كأنه أبو لهب، فلقد لقيت منه ما يقضي على العجب:

تبت يدا من عن الأحباب ألوانا «٢» ... أضحى يجر عنا للحتف ألوانا

(تبت يداه لقد أضحى أبا لهب) «٣» ... يذيب أفئدة منا وأبدانا

أما الدموع فهي دماء، وأما نوحي فنواح «٤» الخنساء، وأما (٤٨ أ) شوقي فالسعير بالنسبة إليه زمهرير، وأما نومي فمشرد ليس له إلى الأجفان عود ومصير، لا تألف جنوبي المضاجع، ولا يغسل دم أجفاني سح المدامع، بل الدمع أنفدته ساعة الوداع، وخلفه الدم فصار الدمع دمّاع «٥» ، فإيم الله إن امتدّ البعاد فلا الدم يفي ولو كان البحر له مداد «٦» . ولما هاض شوقي، وضاق عنه طوقي، نظمت هذه الأبيات، وإن كانت غير جيدات، لكنها نفثة مصدور، وأنة مهجور، وحسرة مأسور، وتعلة مقهور، فقلت «٧» :

دمع يفيض على الخدود مسلسلا ... وجوى تضرم في الجوانح مشعلا

وإذا تهب من الأحبة شمأل ... زادت بي البلوى فبت مبلبلا

غادرت قلبا بالعراق مضيعا ... والجسم في ذا الوقت «٨» حل الموصلا

<<  <   >  >>