للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

بكثير من الأعمال والمشاغل التي ما كانت تلزمه وهو طالب، إذ بعد تخرجه يصبح مدرساً، أو موظفاً ورب أسرة، وكل ذلك له مسؤولياته. ومن المقطوع به أن الشاب في مرحلة الطلب أفرغ ما يكون حيث لا علائق ولا مشكلات - في الغالب - لكن كثيراً من الطلبة يهدرون أوقاتهم في الأكل والنوم والجدل والخصومات، والاشتغال بما لا يلزمهم الاشتغال به في هذه المرحلة، عكس ما كان عليه السلف رحمهم الله، من الجد والمثابرة والحرص على التحصيل، واغتنام الفرص والأوقات في مرحلة الطلب لحفظ العلم والتفقه فيه والعمل به.

وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال: "اغتنم خمساً قبل خمس: شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك" ١.

٤ - أن يقنع من القوت بما تيَسَّر ومن اللباس بما يستر مثله، وإن كان خَلِقاً، فبالصبر على ضيق العيش ينال سعة العلم ويجمع شمل القلب من مفترقات الآمال. وقال الإمام الشافعي رحمه الله: "لا ينال أحد هذا العلم بالمال وعز النفس فيفلح، ولكن من طلبه بذل النفس وضيق العيش وخدمة العلماء أفلح" ٢.

٥ - أن يقسّم أوقات ليله ونهاره، ويغتنم ما بقي من عمره، فإن بقية العمر لا قيمة له، وأجود الأوقات للحفظ الأسحار، وللبحث الإبكار، وللكتابة وسط النهار، وللمطالعة والمذاكرة الليل.

قال الخطيب البغدادي رحمه الله: "أجود أوقات الحفظ الأسحار ثم وسط


١ رواه الحاكم في المستدرك (٤/٣٠٦) ، والخطيب في اقتضاء العلم العمل حديث رقم ١٧٠. وصححه الشيخ ناصر الألباني كما في حاشية الاقتضاء، وانظر صحيح الجامع ح رقم ١٠٨٨.
٢ شرح التبصرة والتذكرة للعراقي (٢/٢٢٤) ؛ وجامع بيان العلم وفضله (١/٩٨) .

<<  <   >  >>