النهار ثم الغداة، وحفظ الليل أنفع من حفظ النهار، ووقت الجوع أنفع من وقت الشبع، وأجود أماكن الحفظ الغرف، وكل موضع بعيد عن الملهيات. وليس بمحمود الحفظ بحضرة النبات، والخضرة، والأنهار، وقوارع الطرق، وضجيج الأصوات، لأنها تمنع من خلو القلب غالباً" ١.
٦ - أن يقلل من نومه ما لم يلحقه ضرر في بدنه وذهنه، ولا يزيد في نومه في اليوم والليلة عن ثمان ساعات، وهي ثلث الزمان، فإن احتمل حاله أقل منها فعل.
ولا بأس أن يريح نفسه، وقلبه، وبصره إذا كلّ شيء من ذلك، أو ضعف بتنزه في المتنزهات، بحيث يعود إلى حاله ولا يضيع عليه زمانه، ولا بأس بمعاناة المشي ورياضة البدن به، فقد قيل إنه ينعش الحرارة ويذيب فضول الأخلاط وينشط البدن.
٧ - من أعظم الأسباب المعينة على الاشتغال بالعلم والفهم وعدم الملال أكل القدر اليسير من الحلال. وسبب ذلك أن كثرة الأكل جالبة لكثرة الشرب، وكثرته جالبة للنوم والبلادة وقصور الذهن والفتور الحواس، وكسل الجسم، هذا مع ما فيه من الكراهية الشرعية والتعرض لخطر الأسقام البدنية، ولم يوصف أحد من الأولياء والأئمة العلماء بكثرة الأكل، ولا حُمِدَ به، وإنما يُحمد كثرة الأكل من الدواب التي لا تعقل.