للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وعن عبد الرزاق عن معمر قال: سمعت الزهري يقول: "من طلب العلم جُملةً فاتَه جملةً، وإنما يدرك العلم حديث وحديثان" ١.

وعن أبي عمرو الأوزاعي قال: "عرضنا على مالك "الموطأ" في أربعين يوماً، فقال: كتاب ألفته في أربعين سنة أخذتموه في أربعين يوماً! قلما تفقهون فيه" ٢.

٥ - إذا شرح محفوظاته المختصرات وضبط ما فيها من الإشكالات والفوائد المهمات، انتقل إلى بحث المبسوطات ٣ مع المطالعة الدائمة وتعليق ما يمر به، أو يسمعه من الفوائد النفيسة والمسائل الدقيقة. ولا يستقلُّ فائدة يسمعها، أو يتهاون بقاعدة يضبط بها، بل يبادر إلى تعليقها وحفظها. ولتكن همته في طلب العلم عالية، فلا يكتفي بقليل العلم مع إمكان كثيره، ولا يقتنع من إرث الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم بيسيره، ويغتنم وقت فراغه ونشاطه، وزمن عافيته، وشرخ شبابه، ونباهة خاطره، وقلة شواغله قبل عوارض البطالة، أو موانع الرياسة ٤.

قال عمر رضي الله عنه: "تفقهوا قبل أن تسودوا" ٥.


١ الجامع للخطيب (١/٢٣٢) .
٢ التمهيد (١/٧٧) .
٣ هكذا يكون التدرج في طلب العلم: يبدأ المتعلم بحفظ كتاب الله عز وجل، ثم يحفظ من كل فنٍّ متناً مختصراً، ثم يطلب شرح تلك المختصرات على الشيوخ المتخصصين، ثم ينتقل بعد التأهيل إلى المطالعة والبحث في المبسوطات. أما حال كثير من المتعلمين اليوم فهو عكس ذلك، حيث تجد كثيراً منهم لم يثن ركبه عند شيخ ولا أنهى حفظ متن من أساسيات العلم، ومع ذلك فهو لا يطالع ويقرأ أو يبحث إلا في المطولات والمبسوطات، كالمغني لابن قدامة، أو مجموع الفتاوى لابن تيمية، أو فتح الباري، والمحلى، ونيل الأوطار ونحو ذلك. ثم فجأة يتصدر للتأليف والفتوى، فيأتي بالعجائب والغرائب.
٤ تذكرة السامع والمتكلم (١٣٣-١٣٤) .
٥ الدارمي، المقدمة (١/٦٩) ؛ الفقيه والمتفقه (٢/٧٨-٧٩) . وانظر جامع بيان العلم وفضله (١/٨٦) .

<<  <   >  >>