وهذا العراقي في إخراجه الخوارج ونحوهم من العذر بالشبهة، وقوله في عباد القبور: إنهم معذورون تابع لهواه، دائر معه في هذا ونحوه. ولو كان فيه الهلاك الأبدي والشّقاء السرمدي، عياذاً بالله من جهد البلاء.
إذا عرفت أن استثناءه واستدراكه على كلام الشيخ برأي أكثر المتأخرين في عدم الاعتداد والعذر بالشبه في العقائد، فاعلم أن هذا الاستدراك مبني على فهم فاسد، وعدم تحقيق. فإن الشيخ لم يرد ما قاله العراقي من المسائل الاعتقادية التي تعلم من الدين بالضرورة. وإنما يريد ما فيه شبهة يخفى دليلها على مثل القائل بها، ولا تقوم عليه حجة يكفر مخالفها إلا بتوقيف وكشف، ولا فرق في ذلك بين المسائل الاعتقادية والعملية.
وأما مسألة عبادة القبور ودعائها مع الله، فهي مسألة وفاقية التحريم، وإجماعية المنع والتأثيم، فلم تدخل في كلام الشيخ لظهور برهانها، ووضوح أدلتها؛ وعدم اعتبار الشبهة فيها.
هذا وجه الإخراج والاستدراك، لا ما زعمه الغبي، فإن الخوارج لا يكفرهم الشيخ، ولا كثير من أهل العلم، وقد سئل علي رضي الله عنه عن الخوارج:"أكفّار هم؟ قال: من الكفر فرّوا"، فما أخرجه العراقي غير خارج، ما أدخله غير داخل، فكلامه مجرد تخبيط لا يروج على النّقّاد.
وأما الذي أمر أهله أن يحرقوه ويذروه، فهذا لم تقم عليه الحجة التي يكفر مخالفها، وأهل الفترة لا يقاسون بغيرهم. والشيخ قصده أن الأصول قد يجري فيها ذلك، وليس المراد أن كل من عرضت له شبهة في الأصول يعذر بها، وسيأتيك لهذا مزيد بيان إن شاء الله.
واعلم أن المراد بقول الشيخ في المنع من تكفير أهل الأهواء ومن عرضت له شبهة يعذره الله فيها، المقصود به: العذر في الجملة، فيصدق