وقد وسم سبحانه الشرك واللواط بالنجاسة والخبث في كتابه، دون سائر الذنوب، وإن كانت مشتملة على ذلك ـ ثم ساق الآيات في ذلك ـ، ثم قال: فأما نجاسة الشرك فهي نوعان، نجاسة مغلظة ونجاسة مخففة. فالنجاسة المغلظة: الشرك الأكبر الذي لا يغفر، والمخففة الشرك الأصغر كيسير الرياء والتصنع للمخلوق والحلف به وخوفه ورجائه.
وهذا حق لا نزاع فيه، فأما الحلف فنطلق عليه ما أطلقه رسول الله صلى الله عليه وسلّم من تسميته شركاً وكفراً. ولا نقول: شركاً وكفراً، ولا كفر أكبر بل ننتهي حيث انتهى الشارع، صلوات الله وسلامه عليه.
وقد قال ابن القيم في المدارج في الكلام على الحلف: قد يكون هذا شرك أكبر بحسب ما قام بقلب فاعله. وقد ذكر القاضي عياض وغيره: ولا شك أنه إذا قام بقلبه تعظيمه بالحلف كتعظيم الله، فهو شرك أكبر، وأكثر عبّاد القبور يعظمونهم ويحبونهم أشد من تعظيم الله وحبّه. ولا ينكر هذا إلا مكابر، وبعضهم يحلف بالله كاذباً مائة مرة ولا يحلف بشيخه ومن يعتقده كاذباً ولا مرة واحدة. ومن قال: إنّ هذا شرك أصغر فهو من أضل الورى، وأجهلهم بأصول الإيمان والهدى، وما يجب لله على عباده من التعظيم والحب والخوف والرّجاء.
واعلم أن الخوف والرّجاء فيما يقدر عليه المخلوق لا يكون بمنزلة