وأما الشرك فى العبادة فهو أسهل من هذا الشرك وأخف أمراً فانه يصدر ممن يعتقد أنه لا إله إلا الله، وأنه لا يضر ولا ينفع ولا يعطى ولا يمنع إلا الله عز وجلّ، وأنه لا إله غيره ولا رب سواه.
فذكر الشرك في العبادة والعمل لحظ النفس، وقرره واستدل عليه، ثم قال:
"وهذا الشرك ينقسم إلي مغفور وغير مغفور، وأكبر وأصغر. والنوع الأول ينقسم إلى كبير وأكبر وليس شيء منه مغفوراً. فمنه ـ أي من الشرك الأكبر ـ الشرك بالله في المحبة والتعظيم: أن يحب مخلوقاً كما يحب الله وهذا من الشّرك الذي لا يغفره الله، وهو الشّرك في الدين. قال سبحانه وتعالى فيه:{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ} الآية [البقرة: من الآية١٦٥] ، وقال أصحاب هذا الشرك لآلهتهم وقد جمعتهم الجحيم:{تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ، إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ}[الشعراء:٩٧ـ٩٨] . ومعلوم أنهم ما سووهم به سبحانه فى الخلق والرزق والاماتة والإحياء والملك والقدرة، وإنما سووهم به فى الحب والتأله لهم، والخضوع والذلة، وهذا غاية الظلم والجهل، فكيف يسوي التراب برب الارباب؟ وكيف يسوي العبد بمالك الرقاب؟ وكيف يسوي الفقير بالذات الضعيف العاجز بالذات المحتاج بالذات الذي ليس له من ذاته إلا العدم بالغنى بالذات القادر بالذات الذي غناه وقدرته وملكه وجوده وإحسانه وعلمه ورحمته وكماله المطلق التام من لوازم ذاته؟ فأي ظلم أقبح من هذا؟ وأيّ حكم أشد جوراً منه؟ حيث عدل من لا عدل له.
وترك العراقي هذا كله عناداً وصداً عن سبيل الله، واقتصر على أول