أن يؤمن به، ويجاهد معه، كما أوجب الله ذلك عليه وعلى غيره، ولكان يكونبمكة والمدينة، وكان يكون حضوره مع الصحابة رضي الله عنهم للجهاد معهم وإعانتهم على الدين أولى به من حضوره عند قوم كفار ليدقع سفينتهم، ولم يكن أحد من خير أمة أخرجت للناس مختفياً، وهو قد كان بين المشركين ولم يحتجب عنهم.
ثم ليس للمسلمين به وبأمثاله حاجة لا في دينهم ولا دنياهم، فإن دينهم أخذوه عن الرسول صلى الله عليه وسلّم النبي الأمي الذي علمهم الكتاب والحمكة، وقال لهم نبيهم:" لو كان موسى حياً ثم اتبعتموه وتركتموني لضللتم ". وعيسي ابن مريم إذا نزل من السماء إنما يحكم فيها بكتاب ربهم وسنة نبيهم. فأي حاجة لهم مع هذا إلى الخضر وغيره؟ ! والنبي صلى الله عليه وآله وسلم قد أخبرهم بنزول عيسي من السماء، وحضوره مع المسلمين، وقال:" كيف تهلك أمة أنا في أولها وعيسي في آخرها ". فإذا كان هذان النبيان الكريمان اللذان هما مع إبراهيم وموسى ونوح أفضل الرسل، ومحمد صلى الله عليه وآله وسلم سيد ولد آدم، ولم يحتجبوا عن هذه الأمة، لا عَوَامِّهم ولا خَوَاصِّهم، فكيف يحتجب عنهم من ليس مثلهم؟ ! وإذا كان الخضر حيًا دائمًا فكيف لم يذكر النبي صلى الله عليه وآله وسلم ذلك قط، ولا أخبر به أمته، ولا خلفاؤه الراشدون؟ !
وقول القائل: إنه نقيب الأولياء. فيقال له: من ولاه النقابة، وأفضل الأولياء أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم وليس فيهم الخضر؟ وعامة ما يحكى في هذا الباب من الحكايات أكثرها كذب، وبعضها مبني على وهم رجال؛ مثل شخص رأي رجلا توهم أنه الخضر، أو وقال: إنه الخضر، كما أن الرافضة ترى شخصًا تتوهم أنه الإمام المنتظر المعصوم، أو تدعي ذلك، وروي عن الإمام أحمد أنه قال: ـ وقد ذُكر له الخضر ـ: "من أحالك على غائب فما أنصفك، وما ألقى هذا على ألسن الناس إلا الشيطان". وقد بسطنا الكلام على هذا في غير هذا الموضع.
وأما إذا قصد القائل بقوله: القطب الغوث الفرد الجامع أنه رجل يكون أفضل أهل زمانه فهذا ممكن، لكن من الممكن أن يكون في الزمان اثنان