المشركين وأهل الكتاب، مع مباينته لهم في عامة أصول الإيمان، فإن الإيمان بوجوب الواجبات الظاهرة المتواترة، وتحريم المحرمات الظاهرة، هو من أعظم أصول الإيمان، وقواعد الدين، وإذا كان لا بد من إلحاقه ـ أي المخطئ ـ بأحد الصنفين، فإلحاقه بالمؤمنين المخطئين أشد شبهاً من إلحاقه بالمشركين وأهل الكتاب، مع العلم بأن كثيراً من أهل البدع منافقون النفاق الأكبر، فما أكثر ما يوجد في الرافضة والجهمية ونحوهم من زنادقة منافقين، وأولئك في الدرك الأسفل من النار.
فتبين بهذا مراد الشيخ، وأنه في طوائف مخصوصة، وأن الجهمية غير داخلين، وكذلك المشركين، وأهل الكتاب لم يدخلوا في هذه القاعدة. فإنه منع إلحاق المخطئ بهذه الأصناف، مع مباينته لهم في عامة أصول الإيمان، وهذا هو قولنا بعينه. فإنه إذا بقيت معه أصول الإيمان، ولم يقع منه شرك أكبر، وإنما وقع في نوع من البدع فهذا لا نكفره ولا نخرجه من الملة.
وهذا البيان ينفعك فيما يأتي من التشبيه بأن الشيخ لا يكفر المخطئ والمجتهد، وأنه في مسائل مخصوصة، وبين أن الإيمان يزول بزوال أركانه وقواعده الكبار، كالحجّ يفسد بترك ركن من أركانه، وهذا عين قولنا، بلغ هو أبلغ من مسألة النزاع.
ومن تأمل كلام الشيخ في هذا الباب عرف المراد، ومن أزاغ الله قلبه فلا حيلة فيه.
وحديث الرجل الذي أمر أهله بتحريقه كان موحّداً ليس من أهل الشرك فقد ثبت من طريق أبي كامل عن حماد عن ثابت عن أبي رافع عن أبي هريرة:"لم يعمل خيراً إلا التوحيد" فبطل الاحتجاج به عن مسألة النزاع.
وأما الخطأ في الفروع والمسائل الاجتهادية إذا اتقى المجتهد ما استطاع فلم نقل بتكفير أحد بذلك ولا بتأثيمه. والمسألة ليست في محل النزاع.
فإيراد العراقي لها هنا تكثر بما ليس له وتكبير لحجم الكتاب بما لا يغني عنه فتيلاً.
وهل أوقع الاتحادية والحلولية فيما هم عليه من الكفر البواح والشرك العظيم والتعطيل لحقيقة وجود رب العالمين إلا خطؤهم في هذا الباب الذي اجتهدوا