الرسول صلى الله عليه وسلّم، قال:"فكل هؤلاء كفار إن أظهروا ومنافقون إن أبطنوا" فجزم بكفرهم وقرره، وهذا عين كلامنا، ولم نزد على الشيخ حرفاً واحداً، بل كلامه أبلغ، ويدخل تحته من التكفير بالجزئيات ما دون مسألة النزاع بكثير.
وأما قوله:"وإن كانوا قد كثروا في هذه الأزمنة فلقلة دعاة العلم وفتور آثار الرسالة في أكثر البلدان وأكثر هؤلاء ليس عندهم من آثار الرسالة وميراث النبوة ما يعرفون به الهدى، ,كثير منهم لم يبلغهم ذلك، وفي أوقات الفترات وأمكنة الفترات يثاب الرجل على ما معه من العلم، ويغفر له ما لم تقم الحجة عليه، ما لا يغفر لمن قامت عليه الحجة" إلى آخر كلامه.
فهذا هو الذي تمسك به العراقي، أعني على هذا الكلام الأخير، وظن أنه له لا عليه، وهذا غلط ظاهر وجهل مستبين؛ فإن النزاع فيمن قامت عليه الحجة، وعرف التوحيد، ثم تبين في عداوته ومسبته ورده كما فعل هذا العراقي، أو أعرض عنه فلم يرفع به رأساً، كحال جمهور عباد القبور ولم يعلم، ولكن تمكن من العلم ومعرفة الهدى، فأخلد إلى الأرض واتبع هواه، ولم يلتفت إلى ما جاءت به الرسل ولا اهتم به. وكان شيخنا محمد بن عبد الوهاب يقرر في مجالسه ورسائله أنه لا يكفر إلا من قامت عليه الحجة الرسالية، وإلا من عرف دين الرسول وبعد معرفته تبين في عداوته ومسبته، وتارة يقول: وإذا كنا لا نكفر من يعبد الكواز ونحوه ونقاتلهم حتة نبين لهم وندعوهم فيكف نكفر من لم يهاجر إلينا؟ ويقول في بعضها: وأما من أخلد إلى الأرض واتبع هواه، فلا أدري ما حاله؟ وإذا كان هذا كلام شيخنا، وهذه طريقته فكيف يلزمه العراقي وينسب إليه التكفير بالعموم، ويحتج عليه بقول الشيخ: إن أهل الفترات ومن لم تبلغهم الدعوة يغفر لهم ما لا يغفر لغيرهم؟.
والعراقي لبس الحق بالباطل، وافترى على الشيخ، ونسب إليه ما ليس من مذهبه وما لم يقل، وألزمه ما هو بريء منه، ثم أخذ في رد ما افتراه وبهت الشيخ به، وبهذا تعرف أنه مخلط ملبس.