بها وأنها مصقودة لذاتها المحمودة وعواقبها الحميدة.
وهذا الأصل هو أساس الكلام في هذه الطبقات الذي عليه ينبني، مع تلقي أحكامها من نصوص الكتاب والسنة لا من آراء الرجال وعقولهم، ولا يدري قدر الكلام في هذه الطبقة إلا من عرف ما في كتب الناس، ووقف على أقوال الطوائف في هذا الباب، وانتهى إلى غاية مرامهم ونهاية إقدامهم والله الموفق للسداد الهادي إلى الرشاد.
وأما من لم يثبت حكمة ولا تعليلا، ورد الأمر إلى محض المشيئة التي ترجح أحد المثلين على الآخر بلا مرجح، فقد أراح نفسه من هذا المقام الضنك واقتحام عقبات هذه المسائل العظيمة، وأدخلها كلها تحت قوله تعالى:{لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ}[الانبياء: من الآية٢٣] لكمال حكمته وعلمه، ووضعه الأشياء مواضعها وأنه ليس في أفعاله خلل ولا عبث ولا فساد يسأل عنه كما يسأل المخلوق، وهو الفعال لما يريد، ولكن لا يريد أن يفعل إلا ما هوم خير ومصلحة ورحمة وحكمة، فلا يفعل الشر ولا الفساد ولا الجور، ولا خلاف مقتضى حكمته لكمال أسمائه وصفاته وهو الغني الحميد العليم الحكيم" انتهى.
فقف هنا وتأمل هذا التفصيل البديع، فإنه رحمه الله لم يستثن إلا من عجز عن إدراك الحق مع شدّة طلبه وإرادته له، فهذا الصنف هو المراد في كلام شيخ الإسلام وابن القيم وأمثالهما من المحققين رحمهم الله.
وأما العراقي وإخوانه المبطلون، فشبهوا بأن الشيخ لا يكفر الجاهل، وأنه يقول: هو معذور، وأجملوا القول ولم يفصلوا، وجعلوا هذه الشبهة ترساً يدفعون به الآيات القرآنية والأحاديث النبوية، وصاحوا على عباد الله الموحدين، كما جرى لأسلافهم من عباد القبور والمشركين، وإلى الله المصير، وهو الحاكم بعلمه وعدله بين عباده فيما كانوا فيه يختلفون.
وأما من أعرض عن الهدى ودين الحق، ولم يرفع به رأساً بعد معرفته أو مع تمكنه من معرفته، فالأدلة القرآنية والأحاديث النبوية دالة على دخول هؤلاء