ثم قال العراقي: "النقل الحادي والثلاثون ـ وساق كلام ابن القيم في أن الشخص الواحد يكون فيه ولاية لله وعدواة من وجهين مختلفين. ويكون فيه إيمان ونفاق، وإيمان وكفر، ويكون أحدهما أقرب منه إلى الآخر، فيكون من أهله؛ قال الله تعالى:{هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمَانِ}[آل عمران: من الآية١٦٧] ، وقال تعالى:{وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ}[يوسف:١٠٦] أثبت لهم الإيمان مع مقارنة الشرك، فإن كان مع الشرك تكذيب لرسله لم ينفعهم ما معهم من الإيمان بالله، ولو كان معهم تصديق برسله وهم مرتكبون لأنواع من الشرك لا يخرجهم من الإيمان بالرسل، فهؤلاء مستحقون للوعيد أعظم من استحقاق أرباب الكبائر، وشركهم قسمان: جلي، وخفي، فالخفي قد يغفر.
والجواب أن يقال:
أي دليل في هذا على مسألة النزاع؟ فإن مراد الشيخ كما يعلم من تقريره وأول عبارته أن النفاق الأصغر وبعض شعبه، قد يوجد في شخص مع وجود بعض شعب الإيمان، وكذلك الكفر العملي الذي لا يخرج عن الإسلام قد يوجد مع بعض شعب الإيمان، ويكون أحدهما أقرب إليه وأولى به، وقوله تعالى:{وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ} تفيد أن الشرك قد يوجد مع الإيمان بالربوبية، كما فسرها بعض السلف، لكنه لا يخفى في النجاة، بل لا بدّ من عبادة الله وحده لا شريك له. ولذلك قال الشيخ: فإن كان مع الشرك تكذيب للرسل لم ينفعهم ما معهم من الإيمان بالله، ولو كان معهم تصديق للرسل، وهم مرتكبون لأنواع من الشرك لا يخرجهم من الإيمان. فهم مستحقون للوعيد أعظم من استحقاق أرباب الكبائر، فهذا الشرك الخفي، كما يدل عليه قوله، وأما الجلي فلا يغفر إلا بالتوبة وهذا كله لنا، مبطل لما ذهب إليه العراقي، ولكنه لا يفرق بين الشرك الأكبر والأصغر، ولا يتعقل معاني ما يقول:
لا يعرف الشوق إلا من يكابده ... ولا الصّبابة إلا من يعانيها
قال العراقي: النقل الثاني والثلاثون، قال الشيخ ابن تيمية في اقتضاء