وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ} [البينة:٥] فمن لم يخلص لله عبادته لم يفعل ما أمر به، بل يكون الذي أتي به شيء غير المأمور به فلا يصح ولا يقبل منه. ويقول سبحانه وتعالى:"أنا أغني الشركاء عن الشرك، فمن عمل عملا أشرك معى فيه غيري فهو للذى أشرك معي وأنا منه برئ".
وهذا الشرك ينقسم إلي مغفور [وغير مغفور] ، وأكبر وأصغر. والنوع الأول ينقسم إلى كبير وأكبر وليس شيء منه مغفور فمنه الشرك بالله في المحبة والتعظيم: أن يحب مخلوقاً كما يحب الله فهذا من الشّرك الذي لا يغفره الله، وهو الشّرك في الدين. قال سبحانه وتعالى فيه:{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبّاً لِلَّهِ}[البقرة: من الآية١٦٥] ، وقال أصحاب هذا الشرك لآلهتهم يوم القيامة وقد جمعتهم الجحيم:{تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ، إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ}[الشعراء:٩٧ـ٩٨] . ومعلوم أنهم ما سووهم به سبحانه وتعالى فى الخلق والرزق والاماتة والإحياء والملك والقدرة، وإنما سووهم به فى الحب والتأله لهم، والخضوع والذلة، وهذا غاية الظلم والجهل، فكيف يسوي التراب برب الارباب؟ وكيف يسوي العبد بمالك الرقاب؟ وكيف يسوي الفقير بالذات الضعيف العاجز بالذات المحتاج بالذات الذي ليس له من ذاته إلا العدم بالغنى بالذات القادر بالذات الذي غناه وقدرته وملكه وجوده وإحسانه وعلمه ورحمته وكماله المطلق التام من لوازم ذاته؟ فأي ظلم أقبح من هذا؟ وأيّ حكم أشد جوراً منه؟ حيث عدل من لا عدل له يخلقه كما قال تعالى:{الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ}[الأنعام:١] فعدل المشرك من خلق السموات والأرض وجعل الظلمات والنور بمن لا يملك لنفسه ولا لغيره مثقال ذرة فى السموات ولا فى الأرض فيا له من عدل تضمن أكبر الظلم وأقبحه.