حاصل كلامه، فالعراقي حرف العبارة وزاد فيها ونقص، كما فعل بنقوله عن شيخ الإسلام، فالعراقي لا تؤمن بوائقه، فلا تغتر بنقله، ولا تأخذ عنه فإنه وضاع كذاب، محرف لا يؤمن على شيء من العلم.
وأما قوله، وكقوله صلى الله عليه وسلّم:"لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض"، وقوله:"سباب المسلم فسوق وقتاله كفر"، و "من أتى حائضاً فقد كفر"، وقوله:"ثنتان هما في الناس كفر"، فإن كان هذا عند العراقي كفراً ليس بضار لا يعاب على فاعله ولا يعار، فقد أراح خصمه من التعب والجواب، وأعلن بحقيقة ما عنده وما يذهب إليه في تلك المسائل الممتنعة الصعاب.
من كان هذا حاصله فهو ممن لم يتميز عن سائمة الأنعام، إلا بمجرد الصورة والهيولي، فإن هذه الألفاظ النبوية، والصيغ الشرعية، يجب الإيمان بها وتلقيها بالقبول والتسليم. وأهل العلم متفقون على أنها من كبائر الذنوب، بل من أفحش الكبائر؛ فإن إطلاق الكفر على الذنب أو على فاعله يدل على غلطه في نفسه، وعظيم فحشه، ولم يقل أحد من أهل العلم: إنه كفر غير ضار، بل ولا يقوله جاهل، ولا ذمي يؤمن بأحد الأنبياء. ولم تنته جهالتهم في هذا المبحث إلى ما انتهت إليه جهالة العراقي وضلالته، والذي حكاه الإمام أحمد وارتضاه تلقي هذه الأخبار بالإيمان والتسليم، وترك التعرض لتفسيرها كما ذكره في رسالته إلى مسدد بن مسرهد وغيرها، ونقله شيخ الإسلام وغيره، وبعض الناس تعرض لتأويلها وإنها من الكفر العملي لا الاعتقادي مع اعترافه بأنها من أغلظ الذنوب وأكبرها. وأما تأويلها بكفر النعمة فهو ضعيف جداً؛ إذ ما من معصية وذنب يفعله المكلف المختار إلا وفيه من كفر النعمة بحسبه، والشكر هو استعمال النعمة في طاعة معطيها ومسديها، مع محبته والرضا عنه، والثناء بها عليه، والشكر ضد الكفر فمن أخل بشيء من الشكر ففيه من كفر النعمة بحسب ذلك. فتحصل أن كفر النعمة لا يختص بما أطلق عليه الشارع الكفر من الأفعال، فلا بدّ للنص من معنى يخصه وحكمة في تخصيص بعض الأفراد. وهذا معلوم بالشرع والفطرة، إذ تخصيص بعض أفراد الجنس بحكم من غير