مائة جلدة، وفي السارق قطع يده فليس للعباد أن ينظروا في هذا. قال ابن عباس: فإن الله تعالى يقول: {يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ}[المائدة: من الآية٩٥] .
قالوا: تجعل الحكم في الصيد والحرث وما يكون بين المرأة وزوجها كالحكم في دماء المسلمين؟ وقالوا له: أعدل عندك عمرو بن العاص، وهو بالأمس يقاتلنا ويسفك دماءنا؟ فإن كان عدلا فلسنا بعدول. ونحن أهل حربه، وقد حكمتم في أمر الله الرجل وقد أمضى الله حكمه في معاوية وحربه أن يقتلوا أو يرجعوا. وقبل ذلك ما دعوناهم إلى كتاب الله فأبوه؟ ثم كتبتم بينكم وبينهم كتاباً، وجعلتم بينكم وبينهم الموادعة وقد قطع الله الموادعة بين المسلمين وأهل الحرب منذ نزلت براءة إلا من أقر بالجزية.
فجاء علي وابن عباس يخاصمهم فقال: ألم أكن نهيتك عن كلامهم حتى آتيك؟ ثم تكلم رضي الله عنه فقال: اللهم هذا مقام من يفلج فيه كان أولى بالفلج يوم القيامة وقال لهم: من زعيمكم؟ قالوا: ابن الكواء، فقال: فما أخرجكم علينا؟ قالوا: حكومتكم يوم صفين، فقال: أنشدكم الله أتعلمون أنهم حينما رفعوا المصاحف فقلتم نجيبهم إلى كتاب الله قلت لكم: إني أعلم بالقوم منكم، إنهم ليسوا بأصحاب دين، وذكّرهم مقالته، ثم قال: وقد اشترطت على الحكمين أن يحييا ما أحيا القرآن ويميتا ما أمات القرآن فإن حكما بحكم القرآن فليس لنا أن نخالفه، وإن أبيا فنحن من حكمهما برآء.
قالوا: فخبرنا أتراه عدلاً تحكيم الرجال في الدماء؟ قال: لسنا حكمنا الرجال إنما حكمنا القرآن، وهذا القرآن إنما هو خط مسطور بين دفتين لا ينطق وإنما يتكلم به الرجال.
قالوا: فخبرنا على الأجل لماذا جعلته فيما بينك وبينهم؟ قال: ليعلم الجاهل ويتثبت العالم، ولعل الله يصلح في هذه الهدنة هذه الأمة، فادخلوا مصركم رحمكم الله.