يقرؤون صحيح البخاري، فإذا فرغوا منه ـ إما أحياناً أو مطلقاً ـ ذهبوا إلى قبر البحيرة أو غيره، فوقفوا عاكفين ما شاء الله، وعليهم من السكينة والوقار وضروب الخضوع لنازل الحفرة. قال من نقله: فالله أعلم، أهو شيء وجدوه في صحيح البخاري أو غيره، أو ما هو؟.
ورأيت في حاشية الشيخ إبراهيم الباجوريّ على السنوسية نقلاً عن الدردير فيما أظن عن الشعراني: أن الله وكل بقبر كل ولي ملكاً يقضي حاجته من سأل ذلك الولي.
فقف هنا وانظر ما آل إليه شركهم وإفكهم (١) ، فأين هذا من قوله تعالى {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ} الآية [البقرة:١٨٦] ، وقوله:{ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً}[الأعراف: من الآية٥٥] ، وقوله:{فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ، وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ}[الشرح:٧ـ٨] ، وقوله تعالى:{أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ}[النمل: من الآية٦٢] ، وقوله تعالى:{وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} الآية [غافر:٦٠] وأيّ حجّة في هذا الذي قال الشعرانيّ لو كانوا يعلمون؟ ولكن القوم أصابهم داء الأمم قبلهم. فنبذوا كتاب الله وراء ظهورهم، كأنهم لا يعلمون، واتبعوا ما تتلو الشياطين.
ومن هذا الجنس: ما ذكره الشعراني في ترجمة الملقب بشمس الدين الحنفي أنه قال في مرض موته: من كانت له حاجة فليأت قبري ويطلب مني أن أقضيها له، فإنما بيني وبينه ذراع من تراب، وكل رجل يحجبه عن أصحابه ذراع من تراب فليس برجل. انتهى.
وقد اجتمع جماعة من الموحدين من أهل الإسلام في بيت رجل من أهل مصر وبقربه رجل يدّعي العلم، فأرسل إليه صاحب البيت، فسأله بمسمع من الحاضرين فقال له: كم يتصرف في الكون؟ فقال: يا سيدي، سبعة، قال: من هم؟ قال: فلان وفلان وعدّ أربعة من المعبودين بمصر، فقال
(١) بل زاد كفر الشعراني عن هذا، فقد زعم في كتاب العهود المحمدية: أنه إبريق شيخه الخواص كان يقضي الحاجات، ويجيب الدعاء.