مساجد، والتوجه إلى من فيها والطواف بقبره، وبعض علمائهم يحتج على تركها مرفوعة أو على رفعها وبنائها بحديث:"سدوا عني كل خوخة في المسجد إلا خوخة أبي بكر" فانظر هذا الجهل المتناهي، جعلوا القباب التي هي من وسائل الشرك وأفعال الجاهلية من جنس ما يخص به العبد الصالح من ترك خوخة أو نحوها في جدار المسجد. والذي هو نص في المسألة لا يقبل التأويل حديث أبي الهياج: أن علياً قال له: "ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله صلى الله عليه وسلّم ألا أدع تمثالاً إلا طمسته، ولا قبراً إلا سوّيته" والحديث أشهر من أيذكر وقد عمل به الإمام المفضل الأكبر. ومع هذا فلا يعرجون عليه في الاستدلال، ولا يبالون بما فيه من الأمر الواضح بهدم أماكن الجهل والضلال. وما ذاك إلا لأنّهم نشأوا في حجر عباد القبور وحزبهم؛ وغذوا بلبان جهلهم وكفرهم، وألفته طباعهم وأنست به أوضاعهم، ولولا ذلك لما قيس رفع القباب وإبقاؤها على المقابر على إبقاء خوخة الصديق، وترك سدّها، مع عدم الاشتراك في العلة والمناط، وبعد ما بينهما وتباينه.
وأما قوله: إذا كان مسلماً ناطقاً بالشهادتين إلى آخره.
فقد تقدم لك أنه لا يشترط في التكفير أن يكفر المكلف بجميع ما جاء به الرسول، بل يكفي في الكفر والردة ـ والعياذ بالله ـ أن يأتي بما يوجب ذلك، ولو في بعض الأصول، وهذا ذكره الفقهاء من أهل كل مذهب، وهو من عجيب جهل العراقي وأمثاله؛ لأنه يعرفه المبتدئون في الفقه والعلم، ومن أراد الوقوف على جزئيات وفروع في الكفر والردة فعليه بما صنف في ذلك، كالإعلام لابن حجر الهيتمي، وما عقده الفقهاء من أهل كل مذهب في باب حكم المرتد.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الرسالة السنية: لما ذكر حديث الخوارج ومروقهم من الدين وأمره صلى الله عليه وسلّم بقتالهم، قال: فإذا كان على عهد النبي صلى الله عليه وسلّم وخلفائه ممن انتسب إلى الإسلام من مرق منه، مع عباداته العظيمة، حتى أمر النبي صلى الله عليه وسلّم بقتالهم، فليعلم أن المنتسب إلى الإسلام والسنة في هذه الأزمان قد يمرق أيضاً من الإسلام، وذلك بأسباب: منها الغلو الذي ذمه الله في كتابه،