فضائلهم إلاّ من لم يعرف جهادهم وبلاءهم من في المواطن.
ولا يشك عاقل أنهم أفضل من أهل الأمصار قبل استيطان الصحابة. وأهل العلم والإيمان، وأما بعد ذلك فالفضل والتفضيل باعتبار الساكن يختلف وينتقل مع العلم والدين. فأفضل البلاد والقرى في كل وقت وزمان أكثرها علماً وأعرفها بالسنن والآثار النبوية. وشر البلاد أقلها علماً وأكثرها جهلاً وبدعة وشركاً. وأقلها تمسكاً بآثار النبوة، وما كان عليه السلف الصالح، فالفضل والتفضيل يعتبر بهذا في الأشخاص والسكان. فالفضل والتفضيل يعتبر بهذا في الأشخاص والسكان. وقد قال تعالى:{وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَداً آمِناً وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ قَالَ وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلاً ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ}(البقرة:١٢٦) ، وكما أن الحسنات تضاعف في البلد الحرام فكذلك السيئات تضاعف، لعظيم حرمته وفضيلته.
وقد جاء في فضل بعض أهل نجد، كتميم، ما رواه البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال:"أحب تميماً لثلاث سمعتهن من النّبي صلى الله عليه وسلّم، قوله لما جاءت صدقاتهم: هذه صدقات قومي، وقوله في الجارية التميمية: اعتقها فإنّها من ولد إسماعيل، وقوله: هم أشدّ أمتي على الدّجال" هذا في المناقب الخاصة.
وأمّا العامة للعرب فلا شكّ في عمومها لأهل نجد؛ لأنهم من صميم العرب، وما ورد في تفضيل القبائل والشعوب أدلّ وأصرح في الفضيلة مما ورد في البقاع والأماكن في الدلالة على فضل الساكن والقاطن.
ومعلوم أن رؤساء عباد القبور الداعين إلى دعائها وعبادتها لهم حظ وافر مما يأتي به الدّجال، وقد تصدى رجال من تميم وأهل نجد للرّد على دجاجلة عبّاد القبور والدّعاة إلى تعظيمها مع الله، وهذا من أعلام نبوته صلى الله عليه وسلّم إن قلنا إنّ "أل" في الدّجّال للجنس لا للعهد. وإن قلنا إنها للعهد ـ كما هو الظاهر ـ فالرّد على جنس الدّجّال توطئة وتمهيد لجهاده ورد باطله. فتأمّله فإنّه نفيس جدّاً.