بل هي مجمع على أنها من الشرك المكفر، كما حكاه الشيخ ابن تيمية نفسه، وجعلها مما لا خلاف في التكفير به، فلا يصح حمل كلامه هنا على ما جزم هو بأنه كفر مجمع عليه، ولو صح حمل هذا العراقي لكان قوله قولاً مختلفاً، وقد نزهه الله وصانه عن هذا، فكلامه متفق يشهد بعضه لبعض.
إذا عرفت هذا عرفت تحريف العراقي في إسقاط بعض الكلام وحذفه، وأيضاًَ فالحذف لأصل الكلام يخرجه عن وجهه، وإرادة المقصود التحريف.
الثاني: أن الشيخ رحمه الله، قال: أصل التكفير للمسلمين، وعبارات الشيخ أخرجت عبّاد القبور من مسمى المسلمين، كما سننقل لك جملة من عباراته في الحكم عليهم بأنهم لا يدخلون في المسلمين في مثل هذا الكلام.
قال رحمه الله ـ في أثناء كلام له في النهي عن التفرق، والاختلاف وترك التعصب لمذهب أو قبيلة أو طريقة ـ قال:"فليس كل من أخطأ يكون كافراً ولا فاسقاً ولا عاصياً، بل قد عفا الله لهذه الأمة عن الخطأ والنسيان، وقد قال تعالى في كتابه في دعاء المؤمنين:{رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا}(البقرة: من الآية٢٨٦) ، وثبت في الصحيح: "أن الله قال: قد فعلت" لا سيما وقد يكون يوافقكم في أخص من الإسلام مثل أن يكون مثلكم على مذهب الشافعي أو منتسباً إلى الشيخ عدي. ثم بعد هذا قد يخالف في شيء، ربما كان الصواب معه. فكيف يستحل عرضه أو دمه أو ماله، مع ما ذكر الله من حقوق المسلم والمؤمن؟ وكيف يجوز التفريق بين الأمة بأسماء مبتدعة لا أصل لها في كتاب الله ولا سنة رسوله؟ وهذا التفريق الذي حصل بين الأمة علمائها ومشايخها وأمرائها وكبرائها هو الذي أوجب تسلط الأعداء عليهم وذلك بتركهم العمل بطاعة الله ورسوله، كما قال تعالى:{وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُوا حَظّاً مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ}(المائدة: من الآية١٤) ، وإذا تفرق القوم فسدوا وهلكوا، وإذا اجتمعوا صلحوا وملكوا، فإن الجماعة رحمة،