والمرجئة ونحوهم. وأما عباد القبور فهم عند السلف وأهل العلم يسمون الغالية؛ لأنّ فعلهم غلو يشبه غلو النصارى في الأنبياء والصالحين وعبادتهم. فالعراقي لا يعرف أهل الأهواء وما يراد به، ومع هذا لاجهل فالتحريف غالب عليه في كل ما يشير إليه.
ويقال: هذا النقل الذي نقله فيه تكفير من قامت عليه الحجة ولو في المسائل الخفية ونحن لا نكفر إلا بعد قيام الحجة الرسالية في المسائل الجلية فبطلت الشبهة العراقية. ومسألة توحيد الله وإخلاص العبادة له لم ينازع في وجوبها أحد من أهل الإسلام، لا أهل الأهواء ولا غيرهم، وهي معلومة من الدين بالضرورة. كل من بلغته الرسالة وتصورها على ما هي عليه عرف أن هذا هو زبدتها وحاصلها. وسائر الأحكام تدور عليه. قال تعالى:{قُلْ إِنَّمَا يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}(الانبياء:١٠٨) ووجه الحصر: ما أشرنا إليه من أن التوحيد هو الأصل المقصود بالذات، فراجع كلام المفسرين فبطل ما زعمه هذا الملحد من أن هذه من مسائل أهل الأهواء.
وأما الكلام في تكفير المعين، فالمقصور به مسائل مخصوصة، قد يخفى دليلها على بعض الناس، كما في مسائل القدر والإرجاء ونحو ذلك مما قاله أهل الأهواء. فإن بعض أقوالهم تتضمن أموراً كفرية من رد أدلة الكتاب والسنة المتواترة النبوية. فيكون القول المتضمن لرد بعض النصوص كفراً، ولا يحكم على قائله بالكفر، لاحتمال وجود مانع، كالجهل وعدم العلم بنفس النص، أو بدلالته. فإن الشرائع لا تلزم إلا بعد بلوغها. ولذلك ذكر هذا في الكلام على بدع أهل الأهواء. وقد نص على هذا، فقال في تكفير أناس من أعيان المتكلمين، بعد أن قرر هذه المسألة قال: وهذا إذا كان في المسائل الخفية فقد يقال: بعدم التكفير. وأما ما يقع منهم في المسائل الظاهرة الجلية، أو ما يعلم من الدين بالضرورة. فهذا لا يتوقف في كفر قائله.