ويظهر أنَّه الصحيح، بدليل أنَّ أبا نعيم روى الحديث من طريق سفيان الثوري، عن سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة بلفظ: "إذا قال المرء: هلك الناس فهو من أهلكهم". حلية الأولياء (٧/١٤١) . ومعنى الحديث على رواية الرفع: فهو أشدُّهم هلاكاً، وعلى رواية الفتح: فهو الذي جعلهم هالكين، لا أنَّهم هلكوا في الحقيقة. ثم إنَّ العلماء اتَّفقوا على أنَّ هذا الذم إنما هو فيمن قاله على سبيل الازدراء على الناس واحتقارهم، وتفضيل نفسه عليهم، وتقبيح أحوالهم؛ لأنَّه لا يعلم سرَّ الله في خلقه، فأما من قال ذلك تحزناً لما يرى في نفسه وفي الناس من النقص في أمر الدين فلا بأس عليه. انظر: المنهاج (١٦/٤١٤) . ونحا الخطابي منحى آخر في بيان المعنى، فقال: لا يزال الرجل يعيب الناس ويذكر مساويهم، ويقول قد فسد الناس وهلكوا، ونحو ذلك من الكلام يقول صلى الله عليه وسلم: إذا فعل الرجل ذلك فهو أهلكُهم وأسوأهم حالاً مما يلحقه من الإثم في عيبهم والازدراء بهم والوقيعة فيهم، وربما أداه ذلك إلى العجب بنفسه فيرى أنَّ له فضلاً عليهم وأنَّه خير منهم فيهلك. انظر: معالم السنن للخطابي (٤/١٢٢) . والحديث أخرجه من رواية حماد بن سلمة عن سهيل: علي بن الجعد في مسنده (٢/١١٦٢) (٣٤٧٨) . والطيالسي في مسنده (ص:٣١٩) (٢٤٣٨) كلاهما عن حماد، وتصحف فيه إلى همام. وأخرجه احمد في مسنده (٢/٣٤١) . وأبو داود في سننه (٥/٢٦٠) كتاب الأدب، باب: رقم (٨٥) (٤٩٨٣) . والبغوي في شرح السنة (١٣/١٤٤) (٣٥٦٥) . جميعهم من طريق حماد بن سلمة، عن سهيل به. وأخرجه من رواية مالك عن سهيل: مالك في الموطأ برواية يحيى بن يحيى (٢/٩٨٤) (٢) ، وبرواية أبي مصعب الزهري (٢/١٦٢) (٢٠٧٠) ، وبرواية ابن القاسم بتلخيص القابسي (ص:٤٥٥) (٤٤٢) . وأخرجه من طريق مالك: أحمد في مسنده (٢/٤٦٥،٥١٧) . والبخاري في الأدب المفرد (فضل الله الصمد ٢/٢٢٩) (٧٥٩) . وأبو داود في الموضع السابق. والغافقي في مسند الموطأ (ص:٣٨٢) (٤٣٥) . وابن حبان في صحيحه (الإحسان ١٣/٧٤) (٥٧٦٢) . وأبو نعيم في الحلية (٦/٣٤٥) . والبيهقي في الآداب (ص:١١٨،١١٩) (٣٥٥،٣٥٦) ، وفي شعب الإيمان (٥/٢٨٨) (٦٦٨٥) . والبغوي في شرح السنة (١٣/١٤٣) (٣٥٦٤) .